سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن إعلان فوز الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وعضو هيئة كبار العلماء، والمستشار في الديوان الملكي، والمشرف على مركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع -الدكتور- محمد عبدالكريم العيسى بجائزة “الاعتدال” في نسختها الثانية، سوى ترجمة لجهود معاليه المميزة، والواضحة في مجال تعزيز الوسطية، والاعتدال، ومفاهيمها، وإبراز منهج الاعتدال السعودي في المحافل الدولية، والإسهام في معالجة القضايا -المعاصرة والمستجدة-، ومواجهة الأفكار المنحرفة، والتيارات الهدامة بأسلوب منهجي، وموضوعي، بما يتفق مع تعاليم الإسلام.
العلماء الراسخون في العلم، هم الذين تحرروا من الشهوات، ولم تلبس عليهم الشبهات، واستضاءوا بنور الوحي، وحكموا بالعدل، والإنصاف، بعد أن عرفوا الحق، ورحموا الخلق، وكشفوا الشبهات، وبينوا حكم الإسلام في كل مسائل العصر، وقهروا الأتباع على منهج الاتباع، والاعتدال، والوسطية؛ فاستعادوا صورة الإسلام في ذواتنا، وتحقيقه في نفوسنا بالأدلة الشرعية، والتجارب الإنسانية، وعملوا على تصحيح الأخطاء الشائعة عن الوسطية من حيث المفهوم، والتطبيق، وتقويم الجهود المبذولة؛ لترسيخ الوسطية، وما يواجهها من معوقات.
بعيدًا عن الاختلاف الذي تفرضه دلالة السياق حينا، واختلاف المشارب أحيانا، فإن الأهواء النفسية، والطموحات الدنيوية، والتعلق بشبه المغرضين، والجهل بأسس هذا الدين، ومقاصده العامة، أصبح شعارًا يتلبسه المتناقضون، كل يدعي أنه على نهجها، وأنه أحق بها، وغيره على الضلال؛ فضاعت معالم الدين، وأسس التشريع، وفقد التنزيل الحقيقي لنصوص الشرع على الواقع؛ فطفا على السطح الخوارج الجدد، من الذين أدمنوا الاجتهاد القائم على الهوى، وتحكيم العقل الذي أخرجنا عن الشريعة الربانية، ووسطيتها.
في زمن عز فيه الاعتدال، واختلف الناس ما بين جاف، وغال، فإن الاعتدال في المنهج أمر مطلوب؛ حتى ينتزع من طرفيه، ويسلَّ من متشابهاته. وما دامت الوسطية لا تخرج عن العدل، والخيار، والاستقامة، والاتزان، والقصد، فإن الوسطية هي الدين كله؛ فتضمنه طريق الإسلام على جهة الغنى، والكمال، واشتملت عليه نصوص القرآن، والسنة أتم اشتمال؛ لتجمع بين رضا الرب -جل في علاه-، ومقومات النفس البشرية.