م. بدر بن ناصر الحمدان
من لا يزال يحمل بداخله شيئًا من حسن النوايا تجاه مرتزقة الإعلام الأسود فعليه أن يتجرد منها، ويصعد إلى منصة الواقع؛ ليشاهد الصورة الحقيقية لهذه الحثالة المستعربة التي تؤرقها «السعودية» وطنًا وحكومة وشعبًا، ويُقض مضاجعها ما تمتلكه هذه الأرض الطموحة من جذور تاريخ وحضارة وثقافة، جعلت منها أيقونة للتنمية والتطوير والعيش الرغيد، وجعلت منهم مجموعة «خونة» لضمائرهم ولأخلاقيات مهنتهم.
ستبقى السعودية فوق هام السحب، وسيرحلون هم إلى مزبلة التاريخ. هذا أمر حتمي؛ فممارسات هؤلاء الظلاميين لا تتجاوز بوصفها «وفتّ في عضد الأوطان مرتزق»، وأقل ما يقال عن واحدهم «رث الضمير وسمسار ومؤتجر». هكذا ديدن من لم يمروا يومًا بجادة تربية، أو مجالس أخلاق. ولا ريب أن «أقبلت من فجاج الأرض شرذمة»، في أغلبهم مهاجرون غير شرعيين، أو هاربون من أوطانهم، وثلة منهم لصوص كلمة، ورهط آخر اعتادوا العيش في كنف «أيديولوجيا قذرة» صنعت منهم غربانًا تنعق بطقوسها الجنائزية مع إشراقة كل شمس على تلك «الأرض السعودية».
فنتازيا «الوطن العربي الكبير» ظهرت من البعض على هيئة أطماع شريرة، وواضحة، وغير قابلة للشك تجاه ثروات هذا الوطن، والنَّيل من أمنه واستقراره. هذه حقيقة لم يعد بمقدورنا تجاهلها أو التغاضي عنها، على الأقل من باب مسؤوليتنا أمام أجيالنا القادمة. المشهد بات واضحًا عن ذي قبل؛ فجُل أولئك الناعقين بخطاب الكراهية هم «عرب»، ومصادرهم «عربية»، وتمويلهم «عربي». خيبة «أمل» كبيرة لحلم كنا نرقبه، أراقه «ذوو القربى» ممن كانت أفعالهم «أشد مضاضـة».
التجربة السعودية مع صنّاع الإعلام المشبوه باتت أكثر نضجًا، وتعريتهم باتت أمرًا محسومًا، ودحضهم في أوكارهم شي مسلَّم به، وكما قيل «لا يضر الجبال نطح الوعول، ولا يضر الأسود زمجرة الضباع، حلق بين الغيوم، واترك القاع للقاع». الأهم أن نستفيد من هذه التجارب في قادم الأيام بمراجعة معايير علاقاتنا مع من معنا ومن ضدنا. لا يجب أن نفرط في حسن النوايا؛ فالناس ما عادت الناس، والزمان ما عاد الزمان.
خلاصة القول: حينما يتعلق الأمر بالمساس بأمن ومستقبل وطن فلا مجال لأية اعتبارات إقليمية أو ثقافية أو اجتماعية مهما كان تاريخها وأهميتها، فالوطن «أولاً» وفوق كل شيء، إنها معادلة وطنية غير قابلة للتداول، هذا ما كانت تربيتنا عليه، وما غرس في نفوسنا، وتشربت به أرواحنا، وما نؤمن به يقينًا؛ فقيمة الإنسان من قيمة وطنه. حدثوا أبناءكم، قولوا لهم إن «الوطن قُبلة على جبين الأرض». أخبروهم بأن السعودية وطن لا يعود إلى الوراء.