د. خيرية السقاف
ما العبء النفسي الذي ستقع نفسك في أتون حمولته حين تجدك في مأزق خيانة بادر بها ابنك؟!..
أو نكران انتماء, وجحود محضن مدَّ بهما السكين نحو صدرك, وظهرك؟!
أو تآمر خفي سعى به مع عدوِّك ليقض بيتك, ويفني خيرك, ويغري من في بيتك؟!..
ألا تأزر إلى قلبك فتهوِّن عليه بنسيانه؟!..
أو إلى عقلك ليهديك إلى درب ييسر له نكوصه عن غاياته؟..
فإن لم تستطع فبلفظه حين يصبح لسان النار عليك, ومسعى الشر إليك, وأداة الفتك بك, وعضد العدو ضدك, والحقود عليك, وذا الأغراض فيك, حين يلضم مسابح إيذائك, وينسج بساط الوصول إليك, وينشر سموم أذاك بين سجف دارك, داخل, وخارج أسوارك, في هواء رفقائك, باتجاه مقدراتك, نحو عقول من حولك, باتجاه قلوب تودك, ليقلب عليك ظهر مَجنِّ أمْنك, وراحتك, واستقرارك, وسلامك..
ألا يحزنك كثيرًا, ويغضبك أكثر أذاه وهو ينكرك, يعمل ليقوض جدار بيتك الذي نشَّأه, واحتضنه؟ بسقفه الذي أظله, وبابه الذي أمَّنـه, وأرض حجراته, وممراته التي درج فوق مداها, وتنعم فوق بساطها, ارتوى من كأس مائها, وتغذى من طبق طعامها, وتوسَّد في نومه فراشها, وتدثر بدفء غطائها, وتنعم بشذى نسائم أرواحها؟!..
أو ليس الابن الخائن هو ذاته حين يكون خائنًا لوطنه؟!..
إن مجرد أن توضع هذه المقارنة في الأذهان, وتحضر في المواقف, يكون لزامًا على العاقل أن يدرك الشبه, ويُنطِّق المَثَل على مستوى تاريخ الإنسان على الأرض, فردًا في أسرة صغيرة هي البيت تحكمها فيه المشاعر, وعصا الوالدين, أو في أسرة كبيرة هي الوطن تحكمها أنظمة وقوانين, ومنهاج عقوبات, وقرارات..
صورة تمر بالذهن حين تحضر الأشباه..