خالد بن عبدالكريم الجاسر
أرادوا اهتزازها خارجيًا، فزادت صلابتها داخليًا.. ولو قرأوا التاريخ لأدركوا أن كل من تآمر عليها ذهب إلى مزبلة التاريخ، وبقيت المملكة العربية السعودية وعروبتها، يُسطرون المزيد من صفحات التاريخ!
فمسرحية خاشقجي أدوارها حيكت بتملقٍ عالمي، بوسائل إعلام تعيشُ في خفاءِ المجهول، فكانت ضحيتها المُستهدفة المرحوم - بإذن الله تعالى- جمال خاشقجي.. فواشنطن بوست تنوح عليهِ، والتايمز تردحُ بصيجاناتها والجزيرة تلطُم حَظها العاثر دوماً، وقناتا الحُرة والعالم يُطمران الحقيقة، وحول كل منهم جيشِ جرار من وكالات أنباء وصُحف ومواقع ومُنتديات، حملت على عاتقها مُهمة شق الأنفُسِ وابتزاز الجيوب، وفتح جعيرِ الصوتِ والصراخ والعويل، وهم لا يعُون أنهم عملوا على إعادة فهم وإدراك دورهِم الإِعلامي، هم ووكالات الأنباء الدولية ذات الاتجاهات المعلومة، تلك التي كُنا نعتقدُ أنها تُمثِّلُ قمة هرم الموضوعية والحيادية، لتموجَ تسريباتهم وقصصهم كسيلٌ عرم لا صحة له، وجميعها تصُبُ في خانة اتهام المملكة، ومثال ذلك: تراجُعِ وكالة الأنباء «رويترز» عن خبرٍ لافتٍ نشرتهُ من موقعٍ مُزيف لصحيفة سبق الإلكترونية، وكأن الوكالة العريقة تخلعُ ثوبَ صاحبةِ الجلالة، لتُثبتَ أنها لا تمتلكُ فريق عملِ يستطيعُ تدقيقَ الأخبار ومصادرها! وفجأة صار خاشقجي بطلاً إعلامياً رغم أن أعتى رجال العالم ماتت واندثرت معالمها، ولم تحدثُ تلك الزوبعة أبداً، بل وفجأة ظهرت لخاشقجي خطيبة أنكرها أهله الوطنيون كلهم، وأنها على علاقة برجالات الاستخبارات لدول معادية.
خاشقجي اختفى في تركيا -رحمهُ الله-، واللطم صدحت أصواته في أوربا وأمريكا، وأروقة المُنظمات الاستعمارية، دولية كانت أم حقوقية، بأغراض من الوضاعة والخسة معلومة لنا، ألا وهي حصارُنا، كما حُوصرت بعض الدول المجاورة. لكن الله جاعل كيدهُم في نُحورِهم بإذن الله كما فشلت ألاعيبهم في (مصر والبحرين والأردن وتونس واليمن حتى في الإمارات).
لقد عكر الإعلام الماء ليُسهل صيدنا فيه، وهم لا يعلمون أن مياهنا زمزم، مهما خرجت محاولاتهم اليائسة في هز مكانة المملكة بين دول العالم، بإثارة الشُبهات المُشوهة، والإشاعات المُغرضة، والسيناريوهات المُفبركة التي يسعون من خلالها إلى خلخلة اللُحمة الوطنية وإحداث الصدع في الثقة بين الشعب السعودي وقياداته بتُراهات خبيثة من مُربع التُّهم المزعومة إلى أجندة العقوبات المأمولة والخفية لهم.
إن وطننا السعودي قاعدة فكرية ومنهجية صلبة، تستطيع بها صد الغزو، بل غزو كافة الأعداء في عُقر دارهم، وتطهير ضلالاتهم الفكرية، وهم ما زالوا يبحثون لها عن إدانة.. مليارات يبذلونها - منذ عقود - على الإعلام لتشويهها وإحراجها، ومحاولة تركيعها... خلايا بكافة أنحاء العالم تعمل بعلاقات دولية ليُثبتوا أن السعودية إرهابية، كما قالوا عن مصر الأبية.
لكن، عرفت المملكة أدواتهم، فبترت يدهم في قطر السرورية، وفقدوا كل أذرعتهم الطولى في كل مكان بضربات مُتلاحقة، ولم يتمكّنوا من العبثِ بعقل الشعب السعودي، لتتفرّد المملكة بالسيادة دائماً.
-رحم الله- جمال خاشقجي، فلا شيء على الإطلاق يُبرر موت أي إنسان بلا جريرة، ونحن على ثقة بشفافية إعلان نتائج التحقيقات التي تُعزِّز ثقتي بوطني، وولاة أمرنا، وجلب المتورّطين للعدالة لينتصر لقيمه... حفظ الله الوطن، فأرض، لا نحميها لا نستحق العيش فيها.