فهد بن جليد
ثمانٌ وأربعون ساعة فقط مضت مُنذ إيداع مُرتبات الموظفين لهذا الشهر في حساباتهم، أسأل نفسك كم بقي من المال الحر في جيبك الآن؟ - أعني بالحر - المال الذي لن تدفعه أقساطاً أو لسداد فواتير والتزامات، نحن (كأفراد) لا نمتلك في الغالب أي خطط أو ميزانيات واضحة لمصروفاتنا، نعيش بالبركة، الأمر الذي يزيد من صعوبة ترتيب الموارد والمصروفات وهو ما يتناقض مع أسلوب الحياة العصري، أعرف الكثيرين من حولي مازالوا يؤمنون بنظرية أن تفقُّد المال وحسبته (ينزع البركة) منه، مُعتمدين على تجاربهم السابقة بأنَّهم عندما فكروا كم سيأتي؟ وأين سيذهب؟ وجدوا أنفسهم أمام ضائقة مالية، ولم يستطيعوا الاستمتاع بلحظات أنفاقهم، بالمُناسبة ثقافة (الإنفاق الاندفاعي) غير المدروس مُنتشرة في مُجتمعنا بشكل مُخيف، وهي شقيقة التبذير، وأخت العادات المالية السيئة الأخرى التي يصعب التخلص منها.
لم أجد سعودياً واحداً ضد فكرة الادخار، جميعنا نؤيد هذه الخطوة وندعو لها ونشجعها- ولكن لا نُجيد تطبيقها - أكثر من دراسة مُعلنة تقول أنَّ 85-90 في المائة من الأسر السعودية لا تُجيد فن الادخار ولا يمكن أن يكون من ثقافتها في القريب العاجل بسبب الفرط في المصروفات وسوء الاستهلاك، مازال بيننا من يعتقد أنَّ الاحتفاظ بالمال هو جزء من البخل المذموم، وأنَّ الأصل هو الإنفاق، حتى أنَّ من يُريد الادخار لا يستطيع القيام بذلك بالشكل الصحيح والفعَّال، إمَّا لأنَّه لا يملك أصلاً فائضا ماليا يستطيع ادخاره، أو لأنَّه يفتقر لمهارات الادخار الحقيقية، والتي حصرناها في التوفير والإرشاد في الإنفاق فقط، بينما لها مهارات و أوجه أخرى كزيادة طُرق الكسب وتنويع مصادر الدخل، والتوفير ممَّا يتم كسبه بتخطيط الإنفاق.
البنوك تتحمَّل جزءاً كبيراً من غياب هذه الثقافة، بعدم مُساهمتها في تثقيف الناس، وعروضها المُغرية في الاقتراض أكثر لتوفير احتياجات غير أساسية، من أجمل نكات الادخار التي سمعتها من أحد الأصدقاء (اقتناصه لنسبة الفوائد القليلة، واقتراضه مبلغاً من البنك دون حاجة، فقط حتى يدخر المال في حسابه لأي طارئ أو حاجة)، فعلاً (خوش) ادخار!.
وعلى دروب الخير نلتقي.