رجاء العتيبي
الفرق الذي صنعه ولي العهد الأمير محمـد بن سلمان أنه يتحدث عن (المستقبل) فيما غيره في أطروحاتهم يتحدثون عن الماضي, بصورة جعلت المجتمع يعيش حاضراً محبطاً ومستقبلاً مجهولاً, لحظات الانتعاش (الماضوية) لا تقدم ولا تؤخر إذا ما عرفنا أن لكل زمن دولة ورجالاً, ولكن (الماضويين) لا يعجبهم هذا الكلام أعني الكلام عن المستقبل, يريدون أن يجتروا الماضي وكأنه زمن مقدس خالٍ من الأخطاء.
الأمير محمد بن سلمان أشار في (رؤيته) إلى عالم جديد, نعم في (رؤيته) وليس كلامه, هو لم يقل كلاماً خطابياً, لم يرحب بالضيوف ويقل لهم أهلاً ومرحباً وكفى, وإنما أشار إلى (سعودية) جديدة تسابق الزمن, ومن رؤيته الطموحة يعرف أن تلك (الدولة) الفتية صانعة المستقبل لن تنجح طالما أن المحيط الإقليمي حولها محبط, وإنما أشار إلى أن الدول الأخرى ستلحق به من خلال تعاون مشترك يجعل من الشرق الأوسط عالما آخر متقدماً اقتصادياً وصناعياً يعيش أفراده حالة من الرفاه لم يصلوا إليها من قبل.
الذين يتحدثون عن نهضة عربية, أين هم من رؤية الأمير محمـد بن سلمان, لطالما أرهقونا نقداً وجلداً وسخرية بأن العالم العربي لن يتقدم خطوة, فما بالكم والأمير محمـد بن سلمان أنشأ منصة اقتصادية دولية تنطلق منها السعودية والدول العربية ودول الشرق الأوسط باتجاه التقدم والرفاه, أظن لا عذر لهم بعد أن شملت الرؤية الشرق الأوسط من وجهة نظرنا وليست من وجهة نظر غيرنا.
لا يكفي أن تملك (رؤية) ما لم تحارب من أجلها, وهكذا قال محمـد بن سلمان في مبادرة مستقبل الاستثمار الأخيرة, قال: (هي حربي) يعني الوصول بالسعودية والشرق الأوسط إلى آفاق لم تصلها من قبل مهما كلف الأمر, كدليل على إيمانه العميق بما (يرى) في مخيلته من عوالم يتطلع لها كل (سعودي, عربي, مسلم), مشيداً بالوقت ذاته بالعوالم المستقبلية التي جعلتها دولة الإمارات المتحدة واقعاً ملموساً, في لفتة جميلة للجهود التي يبذلها عيال زايد في تطوير دولتهم.
اليوم السعودية وغيرها من الدول العربية ودول الشرق الأوسط أحوج ما تكون إلى رؤية مستقبلية, بعد كل الحروب الداخلية التي عصفت بها, وبعد كل هذه الخطابات الماضوية التي حدت من انطلاقتهم, لأن (الانسداد التاريخي) كلفته عالية, فإذا توقفت الدولة عن التطور والتطوير و(سُدت) الطرق يفترق الناس -حينها- إلى طرق شتى ويتأزم الموقف ويبقى الكل في مكانه, في حين العالم الآخر يسير غير آبهٍ بمن يقف, ويكفينا الفترة التي توقفنا بها.
لا بأس بالكائنات الحية التي تجري خلف القافلة, فهذا قدرها, ولكن القافلة تسير كعادتها, ولم نسمع عن قافلة توقفت جراء تلك العوائق, حتى لو أتتها تلك الكائنات من الأمام, لن تضر القافلة, مثل القطار الذي يسير في (سكته) لا يأبه بمن خلفه ولا بمن أمامه, وفي النهاية يصل القطار لمحطته تاركاً كل من اعترضه على قارعة الطريق يتلاشى بحسرته.