عروبة المنيف
ترتبط دراسة الإدارة وتطبيقاتها بمفهومين مهمين وحيويين ولهما الدور الأهم في تحقيق إدارة أي منظمة لعنصري النجاح والاستمرارية التي تسعى إليهما على الدوام، ألا وهما مصطلحا «الكفاءة والفعالية»، ويقصد بهذين المصطلحين، «أداء الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة»، وفي الغالب تستخدم كلمة «الكفاءة» لتعني الكفاءة والفعالية «اختصاراً».
وتسعى جميع المنظمات في العالم سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص، إلى الرفع من مستوى كفاءتها لتتحقق أهدافها بأقل تكلفة ممكنة، تلك الكفاءة المرجوة تتحقق عندما يمسك بزمام الأعمال في المنظمة من يكون «أهلاً للكفاءة»، فعندما تكون لدى القائد الكفاءة اللازمة للقيام بالمهام المنوط بها سيكون قادراً على قيادة المنظمة بحكمة وحنكة ودراية، وعلى درجة عالية من المهارة الإدارية، فيتخذ القرارات سواء كانت مصيرية أو غيرها بأسلوب متزن ينم عن خبرة وتعمق في تخصصه، ما يجعله قادراً على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فحنكته الإدارية سوف تسعفه في إدارة أي موقف أو مسألة يتعرض لها، وقدرته على التنبؤ بالنتائج تتحقق نتيجة كفاءته وخبرته في مجال تخصصه، حيث التمرس في العمل القيادي والإداري.
إن معايير الاختيار في المنظمات قد تختلف نتيجة تأثير بعض المفاهيم الاجتماعية والثقافية في عملية اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث ترجح غالباً كفة اختيار من هم «أهلاً للثقة» عمّن هم «أكثر كفاءة»، وذلك على الأخص في الدول الأقل تقدماً، بينما تلك المسألة محسومة منذ زمن لصالح «الأكثر كفاءة» في الدول المتقدمة.
وتعتبر المحسوبيات المرتكزة على المعرفة الشخصية على سبيل المثال عاملاً مهماً في عملية «الاختيار والتعيين» في المناصب الوظيفية العليا في الدول الأقل تقدماً، وطبقاً لذلك يفوز «أهل الثقة» على من هم «أكفأ منهم» في الحصول على تلك المناصب، وهذا بدوره سيؤدي إلى منح المناصب ومزاياها لمن لا يستحقها، فيتم حرمان من هو أحق في ذلك المنصب من غيره.
وعندما يتقلد المنصب من هو «أهل للثقة وبدون كفاءة» يكون قد وقع الظلم على مجتمع بأسره، لا بحق أفراد فقط، ناهيك عن الإخفاقات والفشل الذريع الذي تواجهه تلك المنظمات.
إن عملية اختيار الأشخاص في المناصب القيادية، مهمة ليست سهلة على الإطلاق لأن تفضيل من هم «أهل كفاءة» عمّن هم «أهل ثقة» يستدعي نبذ أي محسوبيات وعدم شخصنة أي منصب وربطه بالثقة والولاء والانتماء لأي شخص أو أي جماعة، وذلك من خلال وضع التفضيلات الشخصية جانباً، فكل صاحب كفاءة هو أهل للثقة، فكفاءته ومهارته وتفانيه بالعمل والتزامه بالقوانين وأسلوبه الحازم في الإدارة وتحمل مسؤولياته الوظيفية ستجعله أهلاً للثقة بدون أدنى شك، وسيفوز عندها دوماً معيار الأكفأ والأفضل في أي منظمة على ما عداه من معايير أخرى.