د. محمد بن عبد الله ال زلفة
إن ظاهرة التدخل في شؤون الدول الداخلية من قبل قوى أجنبية أخرى ظاهرة قديمة قدم العلاقات بين الدول والأمم.
ونجد بأن القوى أو الدول المتدخلة تبحث دائماً عن أسباب تظهر بها شرعية تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وبما أن الموضوع طويل وقد يتشعب بنا الحديث حوله فأننا سنلجأ إلى الاختصار بقدر ما تسمح به مساحة هذه المقالة وسنقتصر على التدليل بظاهرات التدخل بأمثلة حية من التاريخ الحديث والمعاصر ولكي تكون هذه الأمثلة أكثر نفعاً إلى تفاعلنا مع هذا الموضوع الهام فستكون أمثلتنا واستشهاداتنا من واقع ما مرت به بلدان عربية وإسلامية وقعت ضحية تدخلات الدول الكبرى في شؤونها الداخلية بحجج وإعذار مختلفة، فقدت تلك الدولة الضحية حقوقها السيادية بل فقدت حرياتها واستقلالها في كثير من الحالات وفقدت شعوبها حق التصرف والاستفادة من ثرواتها الطبيعية وأصبحت نهباً للغير.
اختلفت مسميات ومصطلحات أسباب التدخل في شؤون الدول الداخلية باختلاف الأزمنة والأمكنة والظروف إلى أن أصبح أبرز المسميات أو المصطلحات أكثرها شيوعاً في هذه الفترة التاريخية التي نعيشها الآن مصطلح حقوق الإنسان، كأحدث شعار بتبرير التدخل في شؤون الدول الأخرى يبدو شعاراً براقاً وجميلاً ولا غبار عليه إلا أنه استغل في حالات كثيرة أسوأ استغلال لدرجة أنه انقلب في مفهومه ومدلوله إلى عكس ما أريد له وأصبحت حتى أكثر الدول انتهاكاً لحقوق الإنسان مثل إسرائيل تحمله شعاراً لتحقق به مآربها وأهدافها وتبتز به دولا وتجرم به شعوبا مثل ما تفعل مع ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا.
في عام 1815م وفي مؤتمر فيينا الشهير اتخذت الدول الأوروبية عدة قرارات لإعادة أوضاع الخريطة السياسية الأوربية إلى ما كانت عليه قبل حروب نابليون ثم ألحقت قراراتها هذه بقرار يتعلق بالقرصنة ووجهت الاتهام بشكل مباشر إلى دول شمال أفريقيا العربية التي جعلت منها المتهمة الأولى لممارسة هذا النشاط ووجهت لها تحذيراً بالكف عن ممارسة هذا النشاط وتجاهل واضعو ذلك القرار أن دولا أوروبية كبيرة تمارس القرصنة بشكل علني إن لم يكن بشكل مباشر وذلك بمنح الحماية للقراصنة المحترفين من مواطنيها. وما غزو الجزائر من قبل فرنسا عام 1830م وضرب الأسطول الأمريكي للمدن الليبية قبل ذلك بقليل إلا نتيجة تالية لما سبق من تهديد للبحث عن العذر في اضفاء الشرعية على القيام بذلك التدخل أو العدوان الذي نجم عنه احتلال الجزائر فيما بعد والسيطرة الأمريكية على التجارة الليبية ثم تمهيداً لما تلى ذلك من تطورات أدت في النهاية إلى وقوع كل بلدان المغرب العربي تحت السيطرة الأوروبية.
في عام 1839م دعت الدول الأوربية الدولة العثمانية إلى إدخال الإصلاح في نظامها السياسي وتغيير نظامها التقليدي الذي سارت عليه طوال ثلاثة قرون وأجبرتها على تبني الكثير من النظم الأوروبية والأخذ بمبدأ المساواة وإعلان الحريات وتحقيق العدالة لكافة مواطنيها دون تمييز بين الانتماءات العرقية أو اختلاف الأديان أو الفوارق المذهبية .
تطور هذا التدخل فيما بعد إلى تدخل أوروبي مباشر بوضع رقابة أوروبية بالإشراف على تطبيق مبدأ زوال الفوارق الدينية بين المسلمين والمسيحيين تمثل ذلك في فتح قنصليات أوروبية في معظم المدن العثمانية الرئيسية وظيفتها حماية المسيحيين وهي حجة لتبرير التدخل المباشر في شؤون الدولة لحماية مصالحها وليس لحماية المسيحيين وغيرهم من اتباع الديانات والمذاهب الأخرى. لم يكتفوا بذلك بل فرضوا على الدولة العثمانية فتح محاكم مختلطة لمحاكمة مواطنيهم وهو تدخل سافر في سيادة دول مستقلة وتشكيك واضح في نزاهة نظامها القضائي.
ولم تتوقف سلسلة وسائل التدخل في شؤون الدولة العثمانية بحجج مختلفة إلا بنهاية الدولة نفسها في نهاية الحرب العالمية الأولى.
في عام 1869م شهدت مصر واحدا من أكبر الاحتفالات في التاريخ وذلك بمناسبة افتتاح قناة السويس دعت حكومة مصر لحضور ذلك الاحتفال المهيب ملوك وملكات أمراء وأميرات أوروبا وكان الخديوي إسماعيل وبتأثير من مستشارية الأوروبيين قد عمل على محاولة تغير وجه مصر من سحنته العروبية وهويته الإسلامية إلى شكل ممسوخ ورداء خلق من حضارة أوروبية محاولاً الظهور في أعين الغرب بأنه إنسان حضاري وهذا لم يشفع له حين أغرق بلده في ديون طائلة وهو يحاول أن يظهره بمظهر أوروبي أدى في النهاية إلى تدخل أوروبي مباشر في شؤون مصر الداخلية بحجة استعادة ما على مصر من ديون لم تكن بقادرة على سدادها وأصبحت حكومات أوروبا هي التي تدير دفة الأمور في مصر وفقد الخديوي سلطانه حتى على إدارة أمور قصره.
لم تقف الأمور عند هذا الحد بل أصبحت مصر بأكملها تحت الحكم البريطاني المباشر في عام 1882م.
في عام 1818م ضرب الأسطول البريطاني موانئ إمارة رأس الخيمة بحجة أن رعايا تلك الإمارة اعترضوا بعض السفن التجارية البريطانية في الخليج ونهبوا محتوياتها وإن هذا ضرب من ضروب القرصنة لابد من معاقبة مرتكبيه وتجاهلت بريطانيا أنها البادئة بمزاحمة أبناء الخليج في مصادر أرزاقهم في مياههم الإقليمية وقد أثبت أحد الباحثين الخليجيين أن بريطانيا كانت البادئة بالعدوان وأن ما قام به أبناء الخليج هو دفاع عن النفس, لم تكتف بريطانيا بهذا بل تمادت حتى تمكنت من فرض سيطرتها الكاملة على سواحل الخليج وأصبح أبناء الخليج تحت رحمتها.
منذ العقد الرابع من القرن التاسع عشر وبريطانيا ترفع شعار إبطال تجارة الرقيق وتبنت وسائل شتى من أجل تحقيق هذا الهدف وتمادت في التركيز على الجانب الإنساني ومسؤوليتها الحضارية في الانتصار للإنسانية التي تأبى الكرامة والعزة البريطانية أن ترى الإنسانية تتعذب وشعب بريطانيا المتحضر يتفرج ساكتاً. وتناسى ساسة بريطانيا أنهم كانوا الرواد في استرقاق مئات الآلاف من الأفارقة وتصديرهم للعمل في مزارعهم في العالم الجديد أي أمريكا ولم يستيقظ الضمير البريطاني لخطورة هذه القضية الإنسانية إلا بعد أن فقد مستعمراته في العالم الجديد ولم يعد السترفاق والإتجار بالرقيق يخدم مصالحهم القومية لا سيما وقد وجهوا وجهتهم إلى أفريقيا كعالم جديد تكتشفه بريطانيا ومن مصلحتها إبقاء الإنسان الأفريقي في عالم جديد تكتشفه بريطانيا ومن مصلحتها إبقاء الإنسان الأفريقي على أرضه لا ليبقى حراً بل ليصبح رقاً يخدم في أرضه التي آلت ملكيتها إلى المستعمر البريطاني فهي بهذا أي بريطانيا تملك الأرض والإنسان وتحارب من يعمل على جلبه إلى مكان آخر بحجة أن هذا يتعارض مع إنسانية الإنسان.
ومن أجل هذا فقد حاربت الوجود العربي في السواحل الشرقية الأفريقية المتمثل في حكومة عمان ومقر جناحها الشرقي جزيرة زنجبار وواصلت وسائل الضغوط والتدخل في شؤون تلك الإمارة العربية باسم حماية حقوق الإنسان ومنع تجارة الرقيق وكانت هذه الوسيلة أحد الأسباب الرئيسية التي أضعفت الحكم العربي هناك وإحلال البريطاني مكانه تم إجلاء ما تبقى من العرب في زنجبار عام 1964م.
بعد هذا الاستعراض التاريخي لأهم المنعطفات أو المراحل لمسيرة واضعي أو صانعي السياسة الأوروبية ووسائلهم في منحهم لأنفسهم حق التدخل في شؤون الدول والشعوب العربية والإسلامية بحجج ظاهرها القيام بمسؤولياتهم الحضارية لخدمة الإنسان ودفاعاً عن حقوقه وباطنها تحقيق أهدافهم وخدمة لمصالحهم الوطنية والقومية واستلاب حقوق الشعوب وابتزاز ثرواتهم.
نأتي إلى قضية أكثر تحديداً وأكثر التصاقاً بقضايانا الوطنية وأمننا الوطني هنا في المملكة العربية السعودية.
حيث تبنت بعض الدول الأوروبية ومن استطاعت التأثير فيه من بعض الدول العربية والإسلامية مواقفاً معادية لهذه البلاد مستخدمة حقوق الإنسان شعاراً ترفعه. كل تدفعه غايته للوصول إلى هدفه من النيل من سلامة ووحدة وأمن هذه البلاد.
إن هذه الدولة ومنذ تأسيسها كأقدم كيان سياسي قائم في المنطقة بل يعد من أقدم الكيانات السياسية في العالم العربي، وهي تتعرض لحملات مغرضة لم تكن لتؤثر فيها طالما ظلت جبهتها الداخلية قوية ومتماسكة ليس من السهولة في هذه العجالة أن نفصل عن جسامة ما واجهته هذه الدولة من حملات ودعايات بل وصلت في عدة مناسبات إلى شن الحملات العسكرية ضدها لم تبلبث بعد الكثير من المحن والأهوال أن تتجاوزها وتنهض مجدداً وهي أكثر إصراراً على التمسك بمبادئها والتضحية بكل صدق من أجل الدفاع عن عقيدتها ووحدة ترابها طالما هي قائمة على الحق وديدنها إحقاق الحق والحفاظ على الحقوق وتطبيق العدل ولا شيء غير العدل لأنه الدعامة القوية التي يقام عليها أسس البنيان الصحيح للحكم إذ لا حكما دائما بدون عدل دائم وبما أن الأمر كذلك أي ضيق الحيز والزمان فأنني سآتي على أهم النقاط التي تلقى الضوء على ما يحيكه خصوم هذه البلاد ضدها من مؤامرات ومحاولاتهم المتكررة والمستمرة في إيجاد ثغرات ينفذون من خلالها إلى تحقيق مآربهم. مستخدمين وسائل وطرق شتى ومن ضمنها دعاوى حقوق الإنسان التي يلوحون بها ويستخدمونها كوسيلة للوصل إلى غاياتهم الحقيقية من هذه البلاد.
إن لبلادنا خصوصية سياسية واجتماعية ودينية انفردت بها بين دول المنطقة فهي الدولة الوحيدة التي لم تكن يوماً قد خضعت لحكم أجنبي ولم يدنس ثراها مستعمر فظلت نقية من أي تأثير حضاري أو ثقافي أو اجتماعي غريب على أبنائها.
واجتماعياً تتكون من نسيج اجتماعي متجانس لا يؤمن بالفوارق الاجتماعية أو الطبقية، شكل وحدة وطنية هي الأولى من نوعها في الوطن العربي كان العامل الأساسي في تدعيم وتقوية الوحدة الوطنية هو العامل الديني الذي يعد اقوى رابطة لتماسك المجتمع وتوحيد صفوفه زاد من متانة هذه الرابطة انعدام أي وجود لأي عقيدة غير العقيدة الإسلامية في هذه البلاد.
إن الدور الخالد والمتميز الذي قام به القائد المؤسس الملك عبد العزيز في توحيد هذ البلاد على أسس قوية ومتينة مراعياً الدعائم الأساسية لخصوصية هذه البلاد والحفاظ عليها هي الاساس الذي بنا عليها قواعد حكمه فأصبح عبد العزيز يمثل الرمز الذي التفت حوله الأمة وظل هذا الرمز متمثلاً في من خلفه من أبنائه وأحفاده.
إن الملك عبد العزيز وهو يبني دولة جديدة بهذه الخصائص كان يدرك أنه لا يعيش في معزل عما يحيط به من عالم يشهد متغيرات كثيرة وأنه من المستحيل أن يبني دولة حديثة دون الأخذ بأسباب التمدن والتحضر وقبل هذا وذاك لأخذ من الثقافات والحضارات الأخرى ما يعنيه على إكمال بناء دولته على أسس عصرية ولكن دون التأثير على الأسس والثوابت أو المساس بالخصوصية المجتمعية السعودية.
ولهذا شهدت البلاد في فترة حكمة أول نقلة حضارية كبيرة لم تشهدها الجزيرة العربية من قبل وخاصة المناطق الداخلية منها التي كانت شبه منعزلة عن العالم لم تكن مسيرة تطوير هذه البلاد بالأمر السهل بل واجهت تحديات كبيرة اجتماعية واقتصادية بالإضافة إلى النقص في الأيادي البشرية المدربة التي يعتمد عليها في مسيرة التطوير إلا أن عبد العزيز بحنكته وقوة إرادته وصبر وإخلاص رجاله من حوله وقدرته الفائقة على التعامل مع المستجدات مكنته من أن يقود مسيرة تحديث بلاده ووضع الأسس والقواعد التي تسير عليها عجلة التحديث من خلال تأسيس مؤسسات حكومية تضطلع بهذه المهام فأسس في البلاد مؤسسات لم تكن معروفه من قبل وإنشاء هيئة تشريعية تقوم بوضع النظم واللوائح والقرارات التي تدار بموجبها مؤسسات الدولة تلك الهيئة متمثلة في مجلس الشورى الذي تأسس عام 1346هـ وهو أول هيئة تشريعية تعرفها جزيرة العرب في تاريخها وكان إلى جانب الهيئة التشريعية مجلس الوكلاء وهو عبارة عن مجلس الوزراء وقبل هذا وذاك النظام القضائي المستمد قواعده وأسسه من الشريعة الإسلامية الغراء وله استقلاليته المطلقة ويأتي على رأس هذا الهرم المؤسساتي القائد المؤسس مشرفاً ومراقباً على أداء هذه المؤسسات لا يتهاون ولا يتردد في تنفيذ ما يأمر به الشرع ولا يسمح بإلحاق ظلم أو جور بأي من رعيته مهما علت مكانته أو صغرت ومهما بعدت مسافة إقامته أو قربت أنه كان بحق ملك عادل عدل في رعيته فأحبته واخلص في خدمتها فأطاعته وساوى بينهم فالتفوا من حوله.
مرت البلاد بعد وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله بمراحل مختلفة من التطورات والتغيرات ساعد على تطويرها استثمارات عائدات البترول التي لم تكن أسعاره مرتفعة جداً قبل عام 1975م إلا أنه من أخطر المراحل الانتقالية في حياة المجتمع السعودي على المستويين الاجتماعي والاقتصادي كان مع بداية منتصف السبعينات الميلادية حيث شهدت أسعار البترول ارتفاعاً خيالياً ونظر ولاة الأمر في هذه البلاد إلى توظيف هذه العائدات في إعمار البلاد ورفع مستوى معيشة الإنسان السعودي وتوفير كل ما يحتاجه من خدمات مما تتطلب تنفيذ ذلك استقدام الأيدي العاملة الأجنبية للقيام بهذه الأعمال التي لا تكفي الأيدي الوطنية القيام بها. هذا بالإضافة إلى ارتفاع دخل المواطن السعودي وما تتطلب تبعاً لذلك استقدام أعداد كبيرة من الأيدي الناعمة للعمل في البيوت وهي ظاهرة لم تكن معروفة إلا في أوساط محدودة من المجتمع السعودي. هذه النقلة أو ما تسمى بالطفرة الاقتصادية صاحبها نقلة اجتماعية وانفتاح على الآخر أما باستقدامنا له كأيدٍ عاملة أو ذهابنا إليه كطلاب أو كسواح أو رحلات عمل أو علاج أو غير ذلك هذا الانفتاح على الآخر وصل بأن أصبح في المملكة الآن ما يزيد على ما يقارب تسعة ملايين أجنبي ينتمون إلى أكثر من ثمانين جنسية من مختلف القارات والمشارب والموارد.
إن ارتفاع مستوى المعيشة لدى المواطن السعودي وارتفاع مستوى دخله وتضخم أعداد المتعلمين من خريجي الجامعات في الداخل والخارج وزيادة الانفتاح على السفر إلى البلاد الأخرى وارتفاع مستوى الوعي الاجتماعي والسياسي من خلال الانفتاح على وسائل الإعلام المختلفة ودخول الإعلام في مرحلة متقدمة جداً حيث أصبح الإنسان وهو في قريته أو في منزله يشاهد ويتابع ما يحدث في أقصى نقطة في العالم كل هذا أثر في حياة المواطن السعودي ونمط تفكيره جعله ينظر إلى الأشياء بنظرة مختلفة لا بتلك النظرة التقليدية التي كان عليها قبل فترة وجيزة من الزمن. وهذا أمر أصبح مدركاً بديهياً من قبل الدولة التي هي بدورها تريد أن تسبق المواطن في ما يفكر فيه فتحقق له مطالبه حيث لا تريد أن تبقى هي أي الحكومة المسؤولة دائماً عن تلبية أو عدم تلبية ما يطمح اليه المواطن إنما أرادت أن تزيد من مشاركته في المسؤولية من خلال قنوات مؤسساتيه غير تقليدية فتبنت الدولة التي هي بدورها راغبة في المضي قدماً بتطوير مؤسساتها بما يفي بمتطلبات شعبها إصدار ثلاثة قرارات هامة الأول إنشاء مجلس للشورى وهو استمراراً للأول وتوسيع دائرة عدد أعضائه والثاني نظام المناطق وهو أن يشارك عدد من أبناء الأقاليم في إدارة شؤون مناطقهم والثالث نظام الحكم الذي زاد من طمأنينة المواطن على مستقبل واستقرار الحكم في بلاده هذه القرارات وما صاحبها من قرارات تمكن مشاركة ذو الكفاءات من أبناء البلاد في تولي مناصب وزارية وقيادية ولمدة محدودة حددها النظام بأربع سنوات والخروج من نمطية إبقاء الوزراء لفترات طويلة مما جعل هذه النمطية محل غمز ولمز من أعداء هذه البلاد إنه مع صبيحة كل يوم وبلادنا تشهد تطوراً جديداً يزيد من قوتها ويعلي من مكانتها ويرتقي بمكانة سكانها.
أننا ونحن نشهد هذه التغيرات في بلادنا العزيزة نحب أن نذكر أن ما حدث من تطورات في منطقتنا العربية خلال العقدين الماضيين تعد من أخطر التطورات التي شهدتها المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الاولى فلقد شهدت أحداثا جساما أهمها الثورة الإيرانية وما أحدث قيامها من فوضى عارمة على مستوى المنطقة ثم حرب العراق- إيران التي تعد من أشرس الحروب التي شهدتها المنطقة ذهب ضحاياها مئات الآلاف من الطرفين وكنا طرف غير مباشر في هذه الحرب أثرت علينا تأثيراً اقتصادياً واضحاً إضافة إلى تأثيراتها الاجتماعية والدينية في صفوف بعض من سكان المنطقة وقلة جداً من مواطني هذه البلاد ثم غزو العراق للكويت وتهديده لأراضي المملكة العربية السعودية وما ترتب على ذلك الغزو من مسؤوليات اضطلعت حكومة المملكة بالعبء الأكبر والأكثر حسماً لإزالة ذلك العدوان الذي أثر على اقتصادنا تأثيراً بالغاً كما كشفت هذه أموراً لم تكن ندركها أو كنا نعرفها ولكن نتجاهلها.
أحدثت ثورة إيران وحرب العراق إيران وغزو العراق وحرب أفغانستان ردود فعل متباينة لدى سكان المنطقة واختلطت فيها الأشياء ببعضها وأفرزت ما يسمى بالصحوة الإسلامية فتحولت إلى ما يشبه التطرف لدى البعض والتطرف بعينه لدى البعض الآخر وأصبح أصحاب هذه الاتجاهات يشكلون خطورة على الأنظمة القائمة ما كان لبعضهم أن يشكل خطورة لولا تبني الغرب لكثير من قيادات هذه الفئات المتطرفة أو المتشددة ومنح البعض منهم حق النشاط السياسي المضاد لحكوماتهم بحجة الحق المشروع في التعبير الذي تكفله أنظمة وتشريعات تلك البلدان. واتصال ما يسمون بالمعارضين بمنظمات حقوق الإنسان يطالبون بالقيام بالضغط على حكومات المنطقة للاستجابة لمطالبة أولئك المعارضون الذين غالباً ليس لهم قضية ولا يعبرون عن أحد سوى أنفسهم أو من يعملون مستأجرين لحسابهم. والغريب أن هؤلاء يجدوا من يساندهم من متطرفين الأحزاب الأوروبية والكتاب المعروفين ببيع أقلامهم وأفكارهم لمن يدفع لهم أكثر.
والأغرب من ذلك أن تقف بعض الحكومة الأوروبية مع بعض المزايدين من أولئك المتطرفين لأنهم بوقوفهم معهم يمارسون ضغوطا على حكومات المنطقة لأهداف تخدم مصالحهم ومصالح شعوبهم غير آبهة بأية مصلحة قومية أو وطنية أو دينية لأبناء المنطقة.