انتقل إلى رحمة الله تعالى، أخي وصديقي الأمين السابق لدارة الملك عبدالعزيز الشيخ عبدالله بن حمد الحقيل، عن عمر يناهز 80 عامًا. ويعد الحقيل ممن أثروا الساحة الأدبية والثقافية على مدى ستة عقود، حيث كان فيها حاضرًا كمعلم وموجه ومرشد للباحثين والمهتمين، وعُرف عنه -رحمه الله- اهتمامه وشغفه الكبير باللغة العربية، وتعزيزها في المجتمع، إضافة إلى دوره وإسهاماته في القطاع الحكومي أثناء عمله الحكومي أمينًا عامًا لدارة الملك عبدالعزيز.
عرفت الشيخ (عبدالله بن حمد الحقيل) منذ 34 سنة عن طريق أخيه الشيخ بدر الحقيل وكيل وزارة المالية السابق، حيث كانت علاقة مبنية على الود والاحترام، لا أدري كيف كنت في تلك الفترة وأنا في العمل الحكومي أحلم وأسعى لكي أقلد هذا الباحث والأديب في رحلاته العلمية والأدبية وطريقة توثيقة لما ورد عنها من أخبار وآثار وأشعار. وقد عرف عنه -رحمه الله- التواضع ولين الجانب وحسن الخلق حيث كان ملبيًا للدعوات، وكنا نجتمع وندعوه إلى مجالسنا في دورنا فيلبي الدعوة بتواضع تام وتكون فرصة لدعوة وجوه جديدة نلتقي بالشيخ والباحث عبدالله الحقيل، وكنت أصحبه في العديد من الرحلات البرية حول مدينة الرياض وضواحيها، نزور آثارها ونقف على معالمها الجغرافية فأكتشف أنه كان ملمًا بها من ذي قبل, حيث كان يبحث عن الجديد المفيد دائماً، كنا.... وكان هو على ذلك إلى ما قبل وفاته بشهور قليلة، حيث انقطع عنا بسبب المرض، رحمه الله رحمة واسعة وامد الله في عمر أولادة لكي يحذوا حذوة الأستاذ خالد الحقيل ومعالي وزير الإسكان ماجد الحقيل، والأستاذ عبدالملك الحقيل، والدكتور مساعد الحقيل.
وكان -رحمه الله- حريصًا على نقل العلم وإيثاره، بعد أن انتقل إلى بيروت ثم الجزائر في سبيل خدمة العلم، ونقل المعرفة، والقيام بدوره الوطني ليكون من أوائل المعلمين السعوديين الذين التحقوا بالعمل في الجزائر للإسهام في حركة التعريب من خلال عمله أستاذًا للغة العربية وآدابها في كلية المعلمين بوهران عام 1385هـ، ثم بعد ذلك انتدب لتدريس اللغة العربية وآدابها في لبنان عام 1389هـ.
وعُرف عنه رحمة الله، إسهاماته المتعددة في مجالات اللغة والأدب وأدب الرحلات، حيث صدر له العديد من المؤلفات في هذه المجالات، كما أن له مشاركات متعددة في مختلف وسائل الإعلام المرئية المسموعة والمقروءة، خاصة في العديد من الصحف المحلية وعلى مدى أعوام عدة، أسهم من خلالها في خدمة الأدب واللغة، لتزيد من رصيده الكبير في هذا المجال. وأذكر له بعض الأبيات الشعرية من ديوانه الشعري بعنوان في ديار الغرب حيث يقول:
رأيت بلاد الغرب في كل صورة
تجلت بأنواع من الحمد والذم
لئن راقني رأي جميل منسق
فما راعني إلا مزيد من العلم
ففي (لندن) شاهدت فيها حضارة
من العلم والتنسيق فيها على وسم
وإن تلك (باريس) عن العلم أسفرت
على مركز عال ومجد بها ضخم
تؤم من الشبان من كل دولة
منابعها في العلم لا شك كاليم
(سويسرة) دار للمناظر والرؤى
(فينا) بها دور المتاحف والنظم
و(إسبانيا) أرض السياحة والهنا
ولكنني فيها شفيت من الغم
تذكرت أمجادا وعلما وحكمة
لأسلافنا أهل المكارم والعظم
هنا ترى روعة الأبيات وقوة معانيها وتعبيراتها تجعل الإنسان كأنه عائش فيها.
وقد كُرِّم رحمة الله في العديد من المناسبات الثقافية والأدبية من قبل مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- حين كان ولياً للعهد، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأصحاب السمو، وذلك لإسهاماته الأدبية والثقافية والعلمية.
رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.
- محمد بن عبدالكريم العريج