فهد بن جليد
أكثر من نصف الموظفين الأمريكيين لا يطمحون للوصول إلى مراكز قيادية في الشركات والمؤسسات التي يعملون بها، يبدو أنَّهم مُقتنعون بوظائفهم، ولا يريدون التأثير على علاقاتهم الأسرية وحياتهم الخاصة، والانشغال أكثر بالعمل وتحمُّل المسؤوليات، هذا بالطبع لا يتعارض أو ينافى مع برامج الترقية والتطوير ودورات الكفاءة والطموح، والحاجة إلى زيادة الراتب والدخل وفق النظام المعمول به. لو نظرت حولك إلى الفُرص الوظيفية المعروضة على الشبان السعوديين الباحثين عن عمل، ستجد أنّ بعضها يعتمد على (دغدغة) المشاعر بالوعود الرنَّانة بأنَّ المُتقدم على هذه الوظيفية لديه فُرصة ليُصبح مُديراً في أقصر مُدَّة مُمكنة، وكأنَّ السعودي لا يُجيد غير وظيفة مُدير، حتى لو كان العمل في مطعم للوجبات السريعة، وفي هذا برأيي تعزيز لصورة أنَّ السعودي لا يعرف من العمل إلاَّ أن يكون مُديراً فقط -كما أفهمها - الأمر الذي يتنافى مع خطط التوطين التي بدأتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من أسفل السلم الوظيفي. شخصياً، أتمنى أن يكون توطين القاعدة العريضة من العاملين متوازناً مع عشرات الآلاف من الوظائف الإدارية التي يشغلها غير السعوديين في الأعلى، وهي حُلم بالنسبة للكثير من المؤهلين السعوديين العاطلين.
علينا التخلص من هذا المفهوم العقيم والخاطئ والصورة الذهنية المغلوطة التي يتم تعزيزها من بعض المُقيمين بمُحاولة تمرير أنَّ العاطل السعودي لن يعمل إلا مُديراً، لأنَّه يبحث عن الراحة والعمل المكتبي والخروج مُبكراً من العمل وعدم تأثر علاقاته الاجتماعية والأسرية، ولنسأل أنفسنا ماذا نُريد من الوظيفة- بالطريقة الأمريكية ذاتها-؟ لم يعد مسماها ومرتبتها مُهمة طالما كانت (مهنة شريفة وكريمة) ودخلها معقول وكافٍ لمُجابهة مُتطلبات الحياة، وفُرص الارتقاء وأبوب التطوير فيها مفتوحة، فبرأيي أنَّها ستكون خياراً جيداً للشاب السعودي، الذي يحتاج الحصول على الخبرة والتدرج الوظيفي المنطقي والمعقول قبل أن ينظر إلى مقعد الإدارة.
هل تملك وزارة العمل رقماً لعدد الوظائف القيادية التي يشغلها أجانب؟ أتمنى أن أرى قريباً كل وظيفة قيادية وإدارية مُتاحة ليشغلها مواطن سعودي وفق نظام العمل وتوطين الوظائف، بعيداً عن حيل كثير من لوحات توطين الوظائف في المطاعم، فالسعودي يستحق أن يعمل مُديراً متى ما كان كُفوءًا، وفق نظام وزارة العمل والمؤهلات التي يحملها، عندما يحين وقت توطين وظائف أعلى السلم الذي طال انتظاره.
وعلى دروب الخير نلتقي.