ناصر الصِرامي
بعضنا يطمح إلى أن يعمل بشكل أفضل مع الآخرين.. والتطور التقني في حقيقته لا يمنحنا خياراً آخر، إلا العمل والتفاعل والمشاركة. الآن إن هارفارد ريفيوز في نسختها العربية، تقول بشكل أدق، إن الأدوات التكنولوجية ليست سوى جزءاً فقط من الحل. فالأساس يظل هو (التفكير)؛؛ - البشر لأنهم هم العنصر الأكثر تأثيراً في نهاية المطاف.
كتب (مارك بونشيك وإيلزا ستيل): «اليوم لم تعد الشركات الأذكى بالضرورة هي التي تتفوّق في الإنتاج على منافسيها. وإنما هي المؤسسات التي تتفوّق عليهم في التفكير، وأظهرت الأبحاث بأنّ الطريقة التي يفكّر بها أعضاء الفريق معاً هي العنصر الأهم في تقرير مستوى أداء هذا الفريق. لكن من الصعب أن نعرف كيف «يفكّر» هذا الفريق؟، كيف الوصول إلى الانسجام في طريقة التفكير بينهم؟».
تقول الورقة: التركيز الخطوة الأولى هي تحديد الأشياء التي ستركّز عليها في تفكيرك، ضمن سياق أو وضع معيّن. ما هي الأشياء التي تركّز عليها تركيزاً أقصى، هل هي الأفكار، أم العملية، أم الإجراءات، أم العلاقات؟ فعلى سبيل المثال، عندما تتأمّل نهارك في الصباح وتحاول أن تخطط لما سيجري خلاله، هل تميل عادة إلى التفكير في المشاكل التي ستحلّها، أم في الخطط التي ستضعها، أم في الإجراءات التي ستّتخذها، أم في الناس الذين ستراهم؟»..
لا يتعلّق الأمر هنا بخيار واحد فقط، بل على مجال التركيز أكثر!
..
التوجّه تتمثّل الخطوة التالية في تحديد ما إذا كان توجّهك ضمن ذلك السياق هو على الصورة الكلية أم على التفاصيل الدقيقة.. وإذا كنت بحاجة إلى مساعدة في تحديد توجّهك الحقيقي هنا فإن الطريقة الأفضل لفعل ذلك هي أن تفكّر في الأشياء التي تشكّل أكبر مصدر للإزعاج لك خلال الاجتماعات. فهل أنت أكثر ميلاً إلى التذمّر من أنك مضطر إلى الخوض في وحول التفاصيل أم أنّك تتضايق من أنّ الأمور عمومية جداً وتفتقر إلى ما يكفي من التفاصيل المحدّدة؟.
أمّا الخطوة الثالثة، فهي الجمع بين هذين البعدين ورؤية، أسلوب التفكير الذي ينجم عنهما في أيّ سياق أو وضع يقع اختيارك!
.
في أحد الأمثلة الواقعية، طلبت إحدى الشركات من أعضاء فريق الإدارة بأكملهم تحديد أساليب التفكير الموجودة لديهم كقادة وكمديرين.
وعندما نظروا إلى الخارطة وإلى النتائج، أدركوا أنّ لديهم الكثير من الناس الذين يركّزون على الصورة الكبيرة. فقد كان لديهم الكثير من المستكشفين ومن الناس الذين يركّزون على الإجراءات (المُحفزين والمُنتجين)، لكن لم يكن لديهم الكثير من الناس الذين يفكّرون في العملية (المُخططين والمثاليين). وقد كان الفريق بارعاً في طرح الأفكار الكبيرة وفي حشد الجميع لكي يتحرّك ويتصرّف، لكنهم كانوا ضعيفين في العمل على التفاصيل وفي جعل الأمور تسير بكفاءة.
ونتيجة لهذه المعلومات التي توصّلوا إليها، بدؤوا يمنحون مجالاً أكبر أمام الأشخاص الذين كان تركيزهم على التفاصيل يبدو وكأنّه يشكّل مصدر إزعاج للمستكشفين والمحفزين الذين يركّزون على الصورة الكبيرة. كما أنهم أدخلوا تعديلات على ثقافة العمل وعلى إستراتيجيات التوظيف من أجل خلق أسلوب في التفكير يتّسم بقدر أكبر من التوازن والتنوّع.
دراسة تستحق الرجوع إلى تفاصيلها، لتكتشف أن عملية التعاون من منظار «التفكير» وليس من منظار «الفعل» هو خطوة عملية وقوية إلى الأمام..!.