د. محمد عبدالله الخازم
تصنيفات الجامعات رغم كونها تجارية، تساعدنا أحياناً في معرفة الترتيب في التميز - المفترض- مقارنة بالآخرين وكذلك منحنا معلومات يستفاد منها كعملاء، وقد أخذت بعداً كبيراً لدى البعض بشكل قادهم إلى الإخلال ببعض معايير النزاهة والمصداقية بشكل مباشر أو عن طريق تحوير البيانات والتعريفات واستخدام أساليب غير مباشرة لغرض رفع مستوى التصنيف. مثل التلاعب في البيانات المقدمة لجهات التصنيف أو اللجوء إلى التعاقد مع أساتذة عالميين لمجرد وضع اسم الجامعة على البحوث التي ينشرها أولئك الأساتذة الذين يصنفون كأساتذة زائرين أو متعاونين وذلك وفق ما نشرته مجلة النيتشر.
للتدليل على كون التصنيفات الدولية ليست بالضرورة ذات دلالة تميز أكاديمي مطلق، فإن أحد أهم معايير التميز فيها هو الحصول على جائزة نوبل كمؤشر بحثي متميز. ذلك المعيار رغم كبر حجمه في نقاط التصنيف ليس دقيقاً، فقد اتضح أن سبعة فقط من الفائزين بنوبل في الطب والفسيولوجي وعددهم 22 فائزاً بين عامي 1997 و2006 م صنّفوا مع جامعات حصلوا من عملهم بها على جوائز نوبل، وهذا يعني أن التصنيف يقيس قدرة الجامعة على استقطاب من فازوا بنوبل، وليس قدرتها على تأهيل باحثين متميزين أو إنتاج بحوث بداتها من الصفر واستحقت جائزة نوبل. مثال آخر، أشهر تصنيفين عالميين (شنغهاي والتايمز) لم يتفقا في اختيار الأفضل بدرجة كبيرة، هناك جامعات صنّفت ضمن أفضل 70 جامعة بتصنيف شنغهاي، لم تصنّف ضمن أفضل 500 بتصنيف التايمز، وبالمثل هناك جامعات صنّفت ضمن أفضل 70 جامعة بتصنيف التايمز، لم تصنّف ضمن أفضل 500 بتصنيف شنغهاي. وكانت الجامعات المشتركة بين التصنيفين ضمن أفضل 200 جامعة، 133 جامعة فقط. أي التصنيفين الأدق، وهل يعقل أن كليهما ممتاز في قياس كفاءة الجامعة وبينهما هذا التفاوت؟ لو أخذنا جامعة الملك سعود، كجامعة محلية، نجدها في تصنيف شنغهاي تحتل الترتيب من 150 - 101 وفي تصنيف التايمز 501 - 600 وفي تصنيف كيواس 221 وفي تصنيف يو اس نيوز 427 وفي تصنيف الويبمتركس 428 [تصنيفات عام 2017م وفق نشرة وزارة التعليم]. يصل فرق الترتيب من تصنيف إلى أخر نحو 500 مرتبة، فأي تصنيف نعتمد؟
حجم الجامعة ومستوى الدرجات العلمية التي تمنحها وبيئتها التنظيمية والثقافية وكيفية التعامل مع هذه العوامل تختلف وصعب مقارنتها عالمياً. كذلك، دعم البحوث أو نسب التوظيف، وحتى تعريف الجامعة وأدوارها المطلوبة، وطريقة تمويلها والنظام الوطني الذي تنضوي تحت مظلته، جميعها معايير لا تصلح للمقارنة على المستوى العالمي، وهذا يعني أن التصنيفات العالمية لا يعتد بها كمرجعية علمية دقيقة في قياس مستوى وأداء الجامعة. الاهتمام بها هو مجرد اهتمام بالترويج. التصنيف يقبل عندما تضبط معاييره ويصنف أمور متشابهة وكثير من الدول لديها تصنيفاتها، حيث تشير إحصائيات 2015م إلى وجود أكثر من 150 تصنيفاً بمختلف دول العالم. لذلك هي دعوة لتأسيس نظام تصنيف محلي للجامعات السعودية عن طريق جهات مستقلة تمتد فائدته ليس لمجرد الترتيب ومن يكون الأول أو الثاني، ولكن في تطوير قواعد بيانات ومعايير مقارنة وتنافس بين الجامعات.