د. إبراهيم بن حمود المشيقح:
تعددت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- لمنطقة القصيم، فمن هذه الزيارات ما كان - رحمه الله - مرافقاً لأخوته الملوك في زياراتهم للمنطقة، ويتفقد خلالها الملك فهد بعض المدن أو المحافظات نيابة عن الملك، وبين تلك الزيارات ما كان أثناء توليه مقاليد الحكم بالبلاد، فكانت القصيم ضمن المناطق التي حظيت بزيارة الملك فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مرات عدة.
زيارة الملك فهد الأولى
ففي زيارته الأولى لمنطقة القصيم، مكث خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أسبوعاً دشن من خلالها العديد من المشروعات المهمة في المنطقة، كما أعلن عن مشاريع جديدة كان لها أثرها في ما تشهده المنطقة من تحولات في كل المجالات، ففي يوم الجمعة 14/ شعبان/ 1408هـ وصل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى منطقة القصيم، وكان في استقباله في المطار أمير وأهالي المنطقة. وفي يوم السبت 15/ شعبان توافد أبناء المنطقة للسلام على خادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في القصر الملكي ببريدة، وفي مساء هذا اليوم كان الموعد مع الاحتفال الكبير الذي أعده الأهالي بالأستاد الرياضي ببريدة، استطاع من خلاله أبناء منطقة القصيم أن يترجموا النقلة الحضارية للمنطقة أمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على شكل صور ومجسمات متحركة. وفي يوم الأحد 16/ شعبان شرف خادم الحرمين الشريفين حفل العشاء الذي أعده الأهالي بمدينة بريدة، كما حضر خادم الحرمين الشريفين احتفالات أهالي عنيزة والرس والبكيرية تحدث من خلالها -رحمه الله - عن أهمية هذه المناسبات للوقوف على احتياجات المواطنين عن قرب، كما دشن - رحمه الله - مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة، وقال: لقد سررت كثيرًا بافتتاح هذا المستشفى في مدينة بريدة، ولا شك أنه نواة لإقامة العديد من المستشفيات بمنطقة القصيم، ذلك أن المستشفى يعد ضرورة من ضروريات الحياة بكون المريض يجد بالقرب منه مستشفى أو اثنين أو ثلاثة لأنها مدينة حسب ما رأيت بحاجة إلى مستشفيات عدة. كما التقى خادم الحرمين الشريفين مع أساتذة وطلاب فرع جامعة الإمام بالقصيم، وقال: «لقد أسعدني الحظ بأن قمت بهذه الزيارة لمنطقة عزيزة على قلبي لما أعلم عن سكان هذه المنطقة من أعمال جليلة سابقة وفي الوقت الحاضر والمستقبل -إن شاء الله». ثم قال: «لا شك أن هذه الزيارات مفيدة لي ولإخواني المواطنين لكي أستمع إلى ما يريدون وأستمع إلى النصح والدين النصيحة، وهذا واجبي أنا والوزراء عليهم واجبات كثيرة ليقوموا بزيارات لجميع مناطق البلاد الشاسعة لكي يطلعوا بأنفسهم على حاجات المواطنين».
لقائه بالأهالي والأعيان
كما التقى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - خلال الزيارة بأعيان وأهالي مدينة بريدة، حيث تحدث معهم عن احتياجات منطقة القصيم ومكانتها في نفسه ومحبته لأبناء المنطقة ودورهم في بناء هذه الدولة، وقد شرف خادم الحرمين الشريفين حفل تدشين مبنى تلفزيون القصيم، وقال في كلمته «لا شك أن العاملين والقائمين على محطات التلفزيون والإذاعة أو المجلات والصحف هم عاملون في وطنٍ يحتاج دائماً إلى إبراز العقيدة الإسلامية الصحيحة، وأن أي أمر تقوم به الدولة لخدمة الإسلام هو واجب إسلامي قبل أن يكون واجباً وطنياً».
في عنيزة
وخلال زيارته لمنطقة القصيم قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بزيارة لمحافظة عنيزة، حيث ألقى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين كلمة أثناء تشريف خادم الحرمين الشريفين لحفل أهلي عنيزة، وقال: «إخواني لابد أن يكون الشعب مع ولي الأمر وولاة أمرنا أبوابهم مفتوحة لكل إنسان، فعلينا أن نكون أمة واعية ولا يندس بين صفوفنا أحد يؤثر على عقيدتنا وأفكارنا حتى يكون الصف صافياً خالصاً وولي أمرنا دائماً يحث على التمسك بالعقيدة الإسلامية». وجاءت هذه الزيارة لخادم الحرمين الشريفين وما قبلها من زيارات من ملوك هذه الدولة لمنطقة القصيم امتدادًا للزيارات المتعددة التي قام بها المؤسس -رحمه الله- منذ دخوله القصيم عام 1421هـ حتى عام 1366هـ والتي تدل على عمق العلاقة بين الملك عبدالعزيز وأهل القصيم، الأمر الذي جعلته يعتمد عليهم ويمنحهم ثقته ومحبته، وكان يمكث الأيام والأسابيع في القصيم يتنقل من بريدة إلى بقية المدن بالمنطقة وسار على هذا النهج أبناؤه البررة والتي تؤكد مدى العلاقة المتينة بين أهالي منطقة القصيم وقادتهم والتي دونها التاريخ بكل فخر، ونحن نلتقي بمنطقة القصيم منطقة الخير والعطاء منطقة الحب والولاء بقائد مسيرتنا وصانع إنجازاتها سلمان بن عبدالعزيز، سلمان التاريخ والإنجاز، إنما يدل على حرص قادتنا على التواصل مع أبنائهم المواطنين وتلمس حاجاتهم والقرب منهم.