د.علي القرني
ليس جديدًا علينا أن نقول ونكتب أن الإعلام هو أساس كل شيء في هذا العصر، فإذا كسبت الإعلام كسبت قضاياك، وإذا خسرت الإعلام خسرت قضاياك حتى ولو كانت عادلة. ولو لاحظنا وتتبعنا كثيرًا من القضايا العادلة في هذا العالم سنجد أن أصحابها خسروها لأنهم خسروا الإعلام، أو ربما لم تتوافر لهم أدوات إعلامية مناسبة، أو ربما كانت رسائلهم مشوشة أو غير ناضجة في شكلها الاحترافي.
وهنا أمثلة كثيرة في هذا الشأن على مر العقود الماضية، فمثلاً قضية فلسطين رغم عدليتها وأحقية أهلها تاريخياً إلا أن العرب خسروا هذا القضية في الرأي العام العالمي، وخسروها في محافل دولية كثيرة. وكذلك القضية اليمنية التي تحالفت فيها دول عربية وإسلامية من أجل إعادة الشرعية فقد خسرنها إعلامياً وإن لم نخسرها عسكريًا، رغم أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد ضحت بفلذات أكبادها، وضحت بالمال والعتاد من أجل حق مشروع ولكن كما يبدو وكما تعكسه وسائل الإعلام العالمية فإن معركة الإعلام ليست في صالحنا.
المملكة والإمارات كانتا مضطرتين جدا للتدخل من أجل إنقاذ الشرعية، وكلنا يعلم أن طائرات الرئاسة السابقة في دعم للحوثيين كانت تدك القصر الجمهوري للحكومة الشرعية في عدن، وهذا كان سبباً في التدخل الفوري لإنقاذ الشرعية اليمنية. ونحن في اليمن من أجل اليمن وسلامته واستقراره وبقاء الشرعية فيه وحماية حدود المملكة أيضًا. ولكننا خسرنا الإعلام.
والمملكة من كبرى الدول التي وضعت جهوداً إغاثية كبيرة للدول المستحقة، ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتشير التقارير إلى دفع المملكة مليارات الدولارات وتوجهت إلى 37 دولة حول العالم، بما فيها وعلى رأسها اليمن الشقيق، ولكن هذه الجهود لم تر الإعلام بالطريقة الصحيحة ربما، أو أن هناك آذاناً لا تريد أن تسمع، وعيوناً لا تريد أن ترى.
وكذلك قضية المواطن جمال خاشقجي فقد أصبحت قضية كبرى ضد المملكة وقضية رأي عام عالمي اجتمع للتنديد بالمملكة العربية السعودية الدولة والإنسان والمجتمع. وأصبحت بلادنا متهمة حتى قبل أن تكتمل التحقيقات من طرف المملكة، ورغم التنديد بهذه الجريمة من قبل القيادة العليا في بلادنا فأين إعلامنا من ذلك.
نعم الإعلام هو أداة للنجاح أو الفشل، وأنت تتحكم في الإتجاه الذي ترغبه إذا اخترت الأدوات والموضوعات بعناية لكي تصل رسالتك الوطنية إلى أقصى أنحاء العالم، وأصبحت صاحب مبادرة وصاحب فعل اجتماعي وسياسي وثقافي، أما إذا كان مفهوم الإعلام هو ردة فعل لما ينشر ويبث فلن يجدي الإعلام بهذه الصيغة التقليدية، وخاصة مع قضايا كبرى قومية أو وطنية.
ونحن غيورون جداً على بلادنا وقيادتنا وشعبنا ومجتمعنا، ونريد لها أن تبقى في قمة عطائها ومسؤوليتها الإعلامية وهذا ما نحتاجه من إعلامنا الوطني وإعلامنا عابر الحدود من أجل أن يوصل قضايانا المشروعة والعادلة إلى العالم. وهذا ما نتمنى أن يكون حراكاً إعلامياً يتحالف فيه السياسي والإعلامي والاقتصادي والإعلامي والثقافي والإعلامي والإعلامي والإعلامي من أجل أن نرتقي بقضايانا إلى العالمية التي نتوق ونتطلع إليها. فليحفظ الله لنا وطننا وقيادتنا ومجتمعنا.