محمد المنيف
كان للحفل الذي أقامه معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة مسك الخيرية تكريما لنخبة من رواد الفن التشكيلي السعودي الأوائل، يعد بادرة مهمة لتعريف الأجيال الجديدة بقامات سبقتهم وحملت على عاتقها تأسيس قاعدة الفن التشكيلي في مرحلة لم يكن هذا الفن مثلما يحظى به اليوم من كثافة أعداد أو سبل انتشار، بل مر أولئك الرواد بمصاعب كبيرة في تحقيق هدفهم الاسمى لهذا الفن ومجاراة الدول التي سبقتنا في ذلك الوقت خليجياً كالبحرين والكويت أو الدول صاحبة السبق في الاهتمام المبكر بهذا الفن مثل العراق ومصر التي أنشأت كليات للفنون ونقابات واتحادات.
لقد اجتهد أولئك الرواد واضعين إبداعهم نصب أعينهم برسمهم الطريق الذي يسعون إلى تحقيق إنجازهم من خلاله فشاركوا في معارض جماعية بدعم من الرئاسة العامة لرعاية الشباب متضمنة مسابقات منح الفائزين فيها جوائز مادية قيمة مع معارض محفزة للاقتناء، إضافة للمعارض الشخصية التي لم تكن تحظى بجمهور أو اقتناء يعود بعدها الفنان بخفي حنين، لقد تحمل أولئك الرواد كل تلك المعوقات، بل تجاوزوها إلى مسافات تخطت الحدود الجغرافية فشاركوا ونافسوا وكسبوا جوائز عالمية وأصبحت أعمال بعضهم في متاحف عالمية، موقف لا يمكن أن ينسى لمعهد مسك وللقائمين عليه وفي مقدمتهم معالي وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان رئيس مجلس إدارة المعهد وكذا مديره التنفيذي الفنان أحمد ماطر.
ولا أنسى هنا أيضاً التجمع النخبوي في معرض معهد التربية الفنية الذي نظمته مؤسسة الفن النقي ضمن مهرجان مسك للفنون، الحدث الأبرز في فعاليات الموسم جمع كبار التشكيليين عمراً وخبرة وحضوراً مبكراً من خريجي المعهد مزجوا بأجيال لاحقة، معرض استعيدت فيه ذكرى غالية عليهم ومهمة في مسيرة الفن التشكيلي.
هذا المعرض أشرف عليه حسب علمي الدكتور محمد الرصيص أحد أبناء المعهد الأوفياء الذي عرفته إدارياً في المعهد قبل انطلاقة أبو خالد العلمية إلى مصر ثم الولايات المتحدة كان نعم الداعم الذي يقف في ذلك الوقت مع الطلاب بابتسامته وهدوئه، خصوصاً المستجدين الذين يأتون من مختلف مناطق المملكة بشعور الغربة كونهم صغار سن ما زالت تجربتهم في الحياة قليلة، جاءوا رغم ذلك بحثاً عن تنمية مواهبهم، التحموا ببعضهم البعض في حضن المعهد الدافئ بحرارة الإبداع الذي يمارس فيه، حيث كان المعهد بمثابة أكاديمية متكاملة العناصر منهجاً ومعلمين معترف بهم كفنانين. (أتحدث هنا عن الفترة الأولى من عمر المعهد).