كُنتَ السَّويَّ كأنَّ الخيرَ آخاكا
ويَشرقُ الحبُّ - دوماً- من مُحَيَّاكا
وللفضيلةِ تدعو من دَنَا سَفَهاً
والصَّحبُ يشتاقُ ما تنأى لِلُقْيَاكا
ماذا جرى؟ كيف بانَ الصَّفوُ مُنْغَمِساً
في الحِقْدِ، والخيرُ ضلَّ الخير مُرساكا؟
غابتْ بشاشتُكَ الخضراءُ منذُ جَفَتْ
روحُ الوئامِ ونورُ الوَجْهِ جافاكا
أصِرْتَ يا صاحِ في أحضانِ من خرجوا
فأصبحَ الشَّرُّ مَغْداكَ ومَمْساكا؟
من أين جئتمْ بهذا الدَّجلِ؟ شرَّعَهُ
إبليسُكم؟ أمْ سعيتمْ فيه إشْرِاكا؟
تجودُ أوطانُكمْ خيراً بدربِكمُ
أهكذا تزرعون الدَّربَ أشواكا!؟
وللوئامِ ينادي دينُكمْ فلما
تسْتَصغِرُ الذِّكرَ إذْ يدعوكَ مولاكا؟[1]
أعندكَ النَّاكثون العهدَ من طمَعٍ
أزكى، خفِ اللهَ يامن ضلَّ مَمْشاكا؟
ما الدِّينُ إلاَّ اعتصامٌ دائمٌ أبداً
ومن يُعارِضْه يصْرَعْه بما حاكا
ما شرَّعَ اللهُ أنْ تلقى المُعاهدَ في
ثوبِ المعادي ليلقى العَهْدَ إهَلاكا[2]
وما خروجُك عن حكمِ الإمامِ هُدى
بل الهُدى طاعةٌ لا ما تغشَّاكا[3]
كيف انتحارُكمُ أضحى بجهلِكمُ
شهادةً، خابَ من بالخُسْرِ أفْتَاكا![4]
حتى المساجدُ لم تَسْلمْ فكلُّ فمٍ
لم يَمْتدحْ فعلَكمْ هذا ولا ذاكا
باسْمِ الجهادِ أخَفْتمْ كلَّ آمنةٍ
وباسْمِهِ تصنعون الخَتْرَ فتَّاكا
الدُّينُ يَبْرأُ من أعمالِكمْ فنرى
من يرهبُ الخلْقَ بالعدوان سَفَّاكا
ألا ترى أنَّ دربَ الخيرِ مبتعدٌ
عنكمْ وفي الشَّرِّ مسعاهمْ ومَسْعاكا؟
ندري لِطهرانَ أبوبٌ مفتَّحةٌ
ظُلْماً ونعرفُ من أغرى وناداكا
يا ليتَ فيكمْ لما ينون منتفِضاً
وليتَ فيكمْ لما يرجون إدْرَاكا
يخفون فُحْشاً وإجراماً وهَدْرَ دمٍ
ويَظْهَرون أمَامَ النَّاسِ نُسَّاكا
للفُرسِ من زمنٍ حقدٌ توَارثَه
أحفادُهمْ مالهمْ في الثَّأرِ إلاَّكا
أطعتَ خصْمَكَ إرهاباً لأمْنِ أخٍ
وقتْلِ من ليس -يا للهونِ - عاداكا!
من قال: فوزُكَ في بؤسٍ تجيءُ به
لمن رعوكَ فبالخسران أغراكا
نسيتَ أهلكَ والأصحابَ كيفَ وهمْ
يا ناكثَ العهدِ لا ينسون رُؤياكا؟
لمْ نَرْضَ عيشَكَ في ظلِّ التَّشَردِ هَلْ
فَقْدُ الأحبَّةِ – يا مخدوعُ-أرضاكا؟
ارجعْ لِأهْلِكَ بَعْدَ اللهِ مُعتصماً
بتوبةٍ ليعودَ الخيرُ مَرْمَاكا
لموطنِ العزِّ خيراتٌ رجوتُكَ عدْ
حبّاً وجافِ الذي بالحِقْدِ أعْمَاكا
لا تخشَ فالعَفوُ مشروعٌ إذا حَسُنتْ
مِنكَ النِّياتُ وحُكْمُ اللهِ مَرجاكا
ما العيبُ في خطأٍ إنْ تبتَ عن خطأٍ
بل التَّمادي فدعْه .. الله يرعاكا[5]
لا عزَّ للمرءِ إلاَّ في ذويه فهمْ
حماه، لا من بإفْكِ القولِ أقصاكا
نرجوكَ للهِ للإحبابِ عدْ لترى
ذاكَ الصَّفاءَ الذي بالأهلِ يلقاكا
... ... ...
الهامش
1 - اقتباس من قوله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} من الآية 103 من آل عمران.
2 - اقتباس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا من قتل نفساً معاهداً له ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً .
3 - اقتباس من قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} من الآية 59 من سورة النساء.
4 - اقتباس من قوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} من الآية 195 من سورة البقرة وقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم) عن أبي هريرة من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سُمًا فقتل نفسه فهو يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيه أخرجه مسلم.
5 - اقتباس من قوله تعالى {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم} من الآية 39 من سورة المائدة.
** **
شعر/ منصور بن محمد دماس مذكور 25-1-1440هــ
dammasmm@gmail.com