عبد العزيز الصقعبي
كما الرياضة وتحديداً كرة القدم، الكتب لها موسم سنوي بدأ في شهر أكتوبر هذا العام وينتهي غالباً في شهر إبريل العام المقبل، موسم حافل بالمعارض والكتب الجديدة والتنافس في التأليف والنشر.
هنالك تنافس بين تلك المعارض، كل معرض ينشد الدولية أولاً ويبحث الناشرون المشاركون فيه عن الرواد الذين يشترون الكتب، والذين هم مصدر الدخل الوحيد غالباً، بالطبع لا نغفل أبداً أهمية المؤسسات الثقافية وتحديداً المكتبات التي تقتني كل عام مجموعة من الكتب حسب الاحتياج، ونجاح المعرض يعتمد على عدد دور النشر المشاركة، وعدد زوار المعرض إضافة إلى ارتفاع سقف الرقيب لدخول الكتب، من جانب آخر الفعاليات المصاحبة من تواقيع كتب، وندوات ومحاضرات.
هنالك معارض عُرفت بإدارتها الثابتة وحضورها الإعلامي والتفاعلي على مدار العام، ولا يخفى عليكم معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يتواصل عبر وسائل الإعلام الجديد طيلة العام ويشارك في أغلب معارض الكتب العربية والعالمية بجناح مستقل.
بعد أشهر قليلة يقام معرض جدة للكتاب، وبالمناسبة لا أفضل إضافة كلمة دولي لمسمى المعرض لأن مشاركة خمسة أو عشرة دور أجنبية لا يمنحها هذه الصفة إلا إذا كان المقصود من دولي مشاركة الدول العربية فهذا أمر آخر، أعود لمعرضي الرياض وجدة للكتاب، حسب علمي ليس هنالك إدارة ثابتة تشرف على المعرضين، بل أن معرض جدة هنالك أكثر من جهة تشرف عليها، وأنا هنا أترك الحديث عن معرض جدة، لعدم معرفتي بتنظيمه وآلية الإشراف عليه، وأقف عند معرض الرياض الدولي للكتاب، وآمل أن يكون دولياً فعلاً لأنه من أكبر معارض الكتب ويحقق غالباً نجاحات ملفتة للنظر بالذات من حيث إقبال الزوار لشراء الكتب وإن كان ذلك قل في السنوات الأخيرة، ولكن يبقى من أكبر المعارض، وكما هو معروف أن الإشراف على المعرض انتقل من جامعة الملك سعود لوزارة التعليم العالي وفي الأخير أصبحت وزارة الثقافة والإعلام هي المشرف على المعرض ليكون من أهم المعارض في الوطن العربي، وهذا العام استقلت الثقافة عن الإعلام، فهل سيتحول الإشراف إلى وزارة الثقافة أو هيئة الثقافة، أو تبقى تابعة لوزارة الإعلام، سأبقي هذا السؤال معلقاً حتى يصدر قرار بذلك، وأتمنى ألا يطول وقت الانتظار لأنه من المهم أن تكون فترة الإعداد للمعرض لا تقل عن ستة أشهر.
أنا أتمنى مع هذه النقلات الحضارية التي نشهدها في المملكة أن يكون معرض الرياض وأيضاً معرض جدة للكتاب مختلفين غير تقليديين، لا نريد صورة مكررة من الأعوام السابقة، مواقع دور النشر وتصميماتها ومواقع التوقيع وأماكن الفعاليات الثقافية، أتمنى أن يستفيد من يكلف بالإشراف عليها من تجارب المعارض المتميزة وبالذات فرانكفورت وباريس ولندن وغيرها، أتمنى ألا يكون المعرض مجرد دكاكين لبيع الكتب، بل يكون كل جناح يشتمل على الكتب الجديدة، ويحقق التواصل بين القارئ والكاتب.
ربما متعة متابعة المعارض لا يعرفها إلا من يحب القراءة، ويعرف أن كل معرض بالذات في الوطن العربي له تميزه الخاص، فهنالك معارض مذهلة بأنشطتها ودور النشر المشاركة فيها و سقف الرقابة العالي، وهنالك معارض ممتعة وإن لم يكن بها بيع للكتب ولكن مجرد الزيارة والوقوف على أحدث تقنيات النشر والطباعة واكتساب معرفة في صناعة الكتاب مثل معرض فرانكفورت، وهنالك معارض كتب تعتمد إضافة إلى عرض وبيع الكتب على فعاليات ثقافية كبرى مثل نتائج جائزة زايد والبوكر مثل معرض أبوظبي، بالمقابل هنالك معارض كتب قد تكون باهتة ولا تشجع لشد الرحال إليها.
وعموماً متى ما كان هنالك تنظيم، ومتى ما كان هنالك حسن إدارة للمعرض، ومتى ما كان هنالك حياة تبثها الكتب وينميها الفعل الثقافي المصاحب، يصبح المعرض فعلا حضارياً يشهد له الجميع.