نادية السالمي
بين أول الطريق وآخره عمر ندعي أننا نختار تفاصيله ونعرفها، والحقيقة أننا قد نسينا تلك التفاصيل بمجرد الخوض في غمار حرب جديدة علينا أن نكسبها، وفي أحسن الأحوال علينا أن نخرج منها بأقل الخسائر.
من أنا في سيرة السيرة الذاتية:
حين طُلب مني السيرة الذاتية في لقاء لمجلة فرقد التابعة للنادي الأدبي في الطائف كنت جاهزة لمواجهة السؤال الذي ينشطر لعدة أسئلة: ماذا سأقدم لهم، فالسيرة الذاتية هي الطريق الذي تعرفه ويعرفك..ماذا عساي أن أقول، والذي يطلب مني السيرة الذاتية هل سيقدر لو قلت له سيرتي الحقيقية دون أن استغل طريقًا سخَّره القدر فكنتُ جامعية وعضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب! لكن الكيمياء التي درستها ما عادت تعرفني ولا أنا أعرفها، وعضوية الاتحاد في كتاب الإنترنت العرب لم استخدمها لا بالكتابة ولا بالقراءة بعد إثبات أني كاتبة؟!
سيرتي الذاتية المعتمدة اتضحت واستمرت على نفس الوتيرة تضيف لي ولا أضيف لها، طويلة رغم قصرها وهي: أنا عازفة قيثارة في حديقة عتيقة يتعمد زوارها ألا يلقون لها بالاً.. لكنهم رغمًا عنهم يسمعونها، بل ويصغون لها.
أظن أنها سيرة تكفي وتشفي كل من تولع مثلي بالفكر الأسطوري الذي يقول عنه فراس حواس: «لا يهمه أن يعبّر عن الحقيقة بطريقة مباشرة، كما هو شأن الفكر الفلسفي والعلمي، بل يسعى للتعبير بالمجاز والرمز فيبدو كالحلم الذي يبدو غامضًا متنافر الوقائع لكنه غني بكل معنى الدلالة».
سؤال سقط لغيابه وإجابته حاضرة:
لن أقول اقرأ على أهمية القراءة بالنسبة لأي إنسان ومثقف لكني سأقول لك كلامًا قد لا يكون موجودًا في الكتب..
*لا تصدق أن هناك من يساعدك بلا مقابل كل من في هذه الحياة يساعدك بمقابل. من الناس من يساعدك لأنه يريد الثمن من الله عاجلاً أو آجلاً، ومنهم من يساعدك لأن هذه وظيفته التي يقبض منها راتبه آخر الشهر، ووراءه جهة تحاسبه، ومنهم من يريد أن يكمل في الغرور مشواره فأنت وأمثالك السلم الذي يصعد عليه صيته وترقى من خلاله سمعته، ومنهم من يرغب بالشعور بالفخر تجاه نفسه فيقبض الثمن «سعادته» بانتصاره على أنانيته في الثناء على غيره أو انتصاره معك على تعثرك، فيرتفع هرمون «الأندورفين» الذي سيعدل مزاجه، ومن منا ليس بحاجة إلى هذا؟!
*المبالغة في شكر من أسدى لك خدمة قد يقلِّل من قيمتك..لأنها قد تجعل صاحب النفس الدنيئة يستعبدك، ويذكرك بها في كل حين، فإذا طلعت على الدنيا في محفل ما اتصل عليك ليعاتبك لأنك لم تذكر أنه فتح لك الطريق، وغالبًا هؤلاء لا يفتحون الطريق لأحد إنما يُخيّل لهم هذا، فعليك أن تبتعد عن هؤلاء لأنهم الأذى بكامل غطرسته ورتابته، وإذا استطعت أن توقفهم عند حدهم فافعل.
*كن حرًا وحافظ على اسمك من أي أذى أو صحبة قد تشوهه، فالناس لا تنسى لبعضها البعض الأخطاء وشغفها إعادة تدويرها. *كن صادقا مع نفسك أولاً عندها ستكون مع القارئ صادقًا، فالقارئ الحاذق أداة قياس التلون والكذب.
* التفاصيل الصغيرة فيها دلالة على أمور مستقبلية كبيرة ركز عليها. *إذا لم تكن موهبتك مضيئة لن ينفعك الضوء المسلط عليك ولن يراك الناس تستحقه.
أجمل الشكر:
أفضل منبر أستطيع أن أشكر من خلاله من وثقوا بي ووثقوا علاقتهم بحرفي هو منبر «الجزيرة الثقافية» فقلب هذه الجزيرة يتسع للكلام الذي يراه القارئ فائضًا عن حاجته، وخيرها يتكاثر ليعم الجميع حين يُشكر في رُباها غيرها.
شكرًا لا تعرف الهرم ولا الذبول لهذه الحياة التي أعطت بمقدار وأخذت بمقدار لأكون كما يجب أن أكون، شكرًا للمنتديات التي تعلمتُ فيها واختلطتُ بالكبار، شكرًا لاتحاد كتاب الإنترنت العرب الذي عرفتُ من خلاله الجد في الكتابة، شكرًا لغادة السمان الكاتبة التي صدّقتُها وأحببتها ولجبران خليل الذي صادقته، شكرًا لكل من تعلَّمت منهم ما يقتل جهلي، شكرًا لجماعة ملتقى فرقد على الحب والتقدير، شكرًا لكل من ظن أن في معرفته بي شرف له، ولكل من كتب وقال في حقي كلمة أسعدتني، وشكرًا حتى لتلك الكلمات وأصحابها التي تُقال من أجل الأذى فهي من علمتني التجاوز والتكبر على وجعها.
ولهذه «الجزيرة» التي اهتمت بمن لا ضوء له إلاَّ موهبته والسلام ما سطع ضوء أو خبا على هذه الأرض.