منذ أسابيع وعبر منصة تويتر أثار الدكتور عبدالله الغذامي ضجة في الوسط الثقافي عبر تغريدة انتقد فيها انعقاد إحدى الورش التدريبية في كتابة الرواية والتي تقدمها الروائية الكويتية بثينة العيسى بالرياض بتنظيم من دار ميلاد للنشر والتوزيع، واصفًا ذلك الفعل بطبخة الشكشوكة وأن لا جدوى من تلك الدورات التي لا تصنع روائيًا وما هي سوى مخادعة واتجار، حيث بلغ سعر الورشة 700 ريال للفرد.
كما أدرج في تغريدة أخرى في ذات السياق بأن السبيل لكتابة رواية هي: «القراءة ثم القراءة ثم القراءة إلى أن تفيض اللغة من رأسك وتمطر على قلمك.»
تلك التغريدة لم تمر مرور الكرام بل تفاعل معها الكثيرون من مؤيد ومعارض وربما مناهض، فهناك بعض التعقيبات جاءت تهكمية ولم تراعَ فيها خبرة الناقد ولا سنّه وهناك من أدلى برأيه بما يليق بالمثقف أن يكون.
من خلال رصد تلك الردود لاحظت بأن الكثير من المناهضين كانوا مجموعة من أدباء وشعراء يتبعون دار النشر المُنظمة وهذا ما أثار تساؤلي هل هي (حميّة أدبية) أم رأي خاص نابع من قناعة؟
أجد بأن الهجوم على عالم الدورات المتخصصة في الكتابة وعلى مثل هذه المشاريع الثقافية المجدية قد يظلمها ويبخسها حقها بشكلٍ أو بآخر فهي وإن لم تكن قادرة على صناعة كاتب وهذه حقيقة إلا أنها تُساعد على صقل تلك الموهبة وتساهم في إثراء «الموهوب سلفًا» بأدواتالكتابة وتفتح له بابًا للاختلاط بذوي الخبرة والمهتمين بالإبداع.
قد يُقال بأن هناك الكثير من الكتب في تقنيات الكتابة وأدواتها وهذه بدورها حقيقة أيضًا كما وقد نجد فيها أضعاف ما نجده في الدورات لكن للحيز الحسّي الذي توفره هذه الفعاليات دوره الكبير وذلك لا يوجد في الكتب. أتفق مع الدكتور الغذامي بكون السعر مبالغ فيه مما قد يجده البعض مخادعة واتجار أمام المادة المقدمة ومدى الفائدة المرجوة منها فبالإمكان الاكتفاء بمبلغ رمزي لا يُبخس المنظم والمقدم حقهما ولا يقصم ظهر المتلقي الشغوف لإمساك خيط يقوده للقاء كاتبه المفضل والنهل من بحر إبداعه.
وبما أن الحديث عن الورش والدورات فقد لاحظت عبر المرئيات المصورة للورشة السالف ذكرها أن القاعة التي انعقدت فيها هي مكتبة عامة أو كما تُسمى (صالون ثقافي) وهي مناسبة للأمسيات الخاصة وانعقد فيها سابقًا الكثير منها وكانت رائعة، لكنها غير ملائمة البتة للدورات لأسباب كثيرة منها تصميمها والديكور الجميل القادر على تشتيت ذهن المتلقي فالجدران المُزيّنة بأغلفة الكتب والتحف قادرة على جذب البصر مما يضعف التركيز على المادة المقدمة في الدورة أو الورشة. كما أن شاشة العرض غير ملائمة فمن يجلس في آخر صف لن يستطيع رؤية المادة المكتوبة فيها لصغر حجمها.
كذلك المقاعد التي يسمح بها ضيق المكان غير صالحة للورش والتي تستدعي وجود مسند للأيدي أو طاولات لتدوين الملاحظات ووضع حقيبة المتدرب التي يُفترض بالمدرب توزيعها كمادة مكتوبة لمحتوى الورشة ولا أعلم إن كانت المدربة حينها اعتمدتها أم لا.
الحال في تلك الورشة كان مختلفًا فالحضور اصطفوا وكأنهم في أمسية موسيقية أو ندوة، فهل هذا يليق بمن دفع 700 ريال ليحضر تلك الدورة والتي لن يحصل منها حتى على شهادة معتمدة؟
أخيرًا لست ضد تلك الدورات بتاتًا لكنها يجب أن تكون وفق مقاييس ومعايير تضمن عدم إضفاء الطابع التجاري الاستهلاكي على ما يُفترض أنها دورات أدبية ثقافية سامية.
** **
- حنان القعود
@hananauthor