م/ نداء بن عامر الجليدي
لأول مرة ينتابني شعور بالدهشة والارتياح في موقف عام للسيارات خاص بمجمع تجاري حديث هنا في بوسطن، وقفت على إثره في البارك أتمعن وأدقق في الصور المرسومة على اللافتات الملصقة على عمود الموقف والصور المرسومة على أرض الموقف والتي تمثل صورة عائلة (امرأة، رجل، طفل، وبمحاذاتهم عربة أطفال)، هذا النوع من اللافتات غير موجود في مجتمعنا ويسترعي الانتباه فعلاً، نزلت من السيارة وأخذت أتجول في الموقف لأعد اللافتات التي تحمل هذه الصورة التي أسعدتني حقاً، والسبب أن هذه اللافتات تعكس مدى اهتمام القائمين على البارك وأخذهم في الاعتبار احتياجات الطفل والمرأة والعائلة ككل.
اللطيف في الأمر أن المواقف التي خصصت للعائلة اختيرت في الصف الأول من المواقف القريبة من المداخل الرئيسة في جميع أدوار البارك، وهذه فعلاً خطوة رائعة تسهل على العائلة عملية التحكم في حركة دخولهم وخروجهم من المجمع بصحبة أطفالهم الصغار، وتقلل من فرص المخاطر الناتجة عن انفلات أحد الأطفال عن والديه وسيره بين السيارات دون وعي بالخطر المحدق به، وهذا غالباً ما يحدث في حال انشغال الأبوين بإجراءات إنزال بقية الأطفال من السيارة، أو وضع طفلهم الرضيع في العربة الخاصة به أو تأمين إغلاق السيارة.
مراعاة احتياجات الأسر وأطفالهم وبالذات في المجمعات التجارية والمواقف التابعة لها يدل على درجة عالية من الوعي والتفهم لهذه الاحتياجات من قبل القائمين على إدارة هذا المجمع، ويعكس مدى حرصهم على تطبيق معايير الأمن والسلامة، وسعيهم الجاد لضمان سلامة الأطفال والحد من الحوادث التي قد يتعرضون لها أثناء مصاحبتهم لأسرهم في جولاتهم التسوقية.
أسعدني مدى التطور في الخدمات المقدمة للمرأة والطفل وعلقت وقتها في ذهني إنه تطور وتغيير إيجابي نحن في أمس الحاجة إليه لتسهيل أمور أفراد الأسر الذين بصحبتهم أطفال ومساعدتهم على قضاء وقت ممتع في جولاتهم التسوقية. لكن جاوبني المنطق ولأنني في مدينة تعتبر من مدن العالم الأول أن ما شاهدته من تنظيم ما هو إلا معايير وأكواد عالمية يفترض تطبيقها في مواقف السيارات التابعة للمرافق التي تقدم خدمات للناس كالمجمعات.
وأزعم بأنه ليس بجديد في الدول المتقدمة، ولكن ما الضير في تطبيق التجارب الناجحة والمعايير الدولية الإيجابية الساعية لحماية الفرد والأسرة عند نقلهم من السيارة حتى وصولهم لهدفهم في هذه المجمعات أو المستشفيات ..الخ. لأن مثل هذه الأمور البسيطة والتي دائماً ما تكون خارج حساباتنا لها تأثير كبير ومردود إيجابي ينعكس على ثقافة الأسر ككل والمجتمع عامة، فعندما تراعي المجتمعات احتياجات الفئات التي تحتاج إلى رعاية واهتمام وتذلل الصعوبات التي تواجه حركة تنقلهم كالأطفال والمعاقين والمسنين، فهذا دليل على تقدم هذه المجتمعات ورقيها.
آمل أن تطبق هذه الخطوة الإيجابية على جميع المواقف التابعة للجهات الخدمية العامة منها والخاصة.... ودمتم بود.