حنان الجعيدان
تقوم معظم الشركات الراغبة في إتمام صفقة معينة وعملية استحواذ، أو الانصراف عنها، أو الاكتتاب والطرح في السوق المالية، بإجراء الفحص القانوني النافي للجهالة جنبًا إلى جنب الفحص المالي. وتبدو حاجة تلك الشركات والمستثمرين بازغة في التعرف على القضايا والمشكلات المحيطة بالشركة المراد شراؤها والاستحواذ عليها، أو الشركة التي تطرح أسهمها للتداول.
إن عمل الفحص القانوني النافي للجهالة يحمي أموال الشركة من إهدارها على خلاف الوجه السليم لها والمتوقع منها، كما يحمي مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين من المسؤولية الشخصية، ويساعد على ضمان سلامة موقف الشركة واتخاذها الاختيارات الحكيمة التي تسهم في نموها وازدهارها. فالعناية الواجبة تساعد الشركات في صياغة استراتيجياتها المؤسسية، وتحديد الأداء الضعيف، كما أنها توفر الأساس الذي يتم إعداد خطط تقييم الأسواق الجديدة وأهداف الاستحواذ المتوقعة عليه؛ لذا يعد الفحص القانوني النافي للجهالة أمرًا جوهريًّا، وهو يساعد عادة في الفهم الكامل لمدخلات ومخرجات الشركة.
اللافت للانتباه والمثير للجدل أن الفحص القانوني النافي للجهالة مليء بالمفاجآت، ويستغرق وقتًا طويلاً لإتمامه؛ إذ إن الشركات والمؤسسات المحلية غير معتادة عليه ولا على كيفية القيام به وإجرائه.
فالفحص القانوني النافي للجهالة يحاكي تفاصيل الشركة التي ترغب في طرح أسهمها للتداول، أو الشركة المراد شراؤها والاستحواذ عليها، وهو يشمل أمورًا رئيسية عدة، مثل: سجلات الشركة وفروعها وصلاحيات وسلطات الشركة (ملكية الأصول والموجودات الملموسة وغير الملموسة)، والالتزام بالإجراءات التنظيمية من أنظمة ولوائح وتعليمات (الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقود والاتفاقيات والمعاملات مع الأطراف ذات العلاقة)، والقضايا والمطالبات المقامة على الشركة المراد الاستحواذ عليها. وهذه الأمور مجتمعة لها بالغ الأثر في تحديد قيمة الصفقة وسلامة الطرح.
كما أن هناك أمورًا أخرى يتطرق لها الفحص القانوني النافي للجهالة، مثل: العلامات التجارية وحقوق الملكية الفكرية الأخرى المملوكة لأي شركة أخرى في مجموعة الشركات نفسها المراد الاستحواذ عليها أو طرح أسهمها للتداول، إضافة إلى كفاية أو عدم كفاية المستندات التي تبيِّن مَن يملك العقارات والمباني والأصول الأخرى، وكذلك العقارات والأراضي التي تملكها شركات أخرى، وكفاية أو عدم كفاية مستندات القروض والضمانات، وما إذا كانت المباني مشيدة بعد الحصول على تراخيص البناء والموافقات الأخرى اللازمة من عدمه.
الجدير بالذكر أن بعض هذه الأمور يمكن معالجتها، والبعض الآخر أكثر تعقيدًا. وبصرف النظر عن ذلك فإن المستثمر يود أن يتعرف على حقيقة الوضع قبل أن يضخ أية أموال في المشروع المعروض. كما أن للشركة أن تتعرف على مدى قانونية كيانها الاعتباري، وسلامة توجهها.
ختامًا، لا يفوتني أن أؤكد أهمية الفحص القانوني النافي للجهالة كتحصيل حاصل لما جرى استعراضه في هذه المقالة، ولا نرى صعوبة في اقتراح تشكيل لجنة داخل كل شركة، تكون معنية بإجراء ذلك الفحص سنويًّا على الأقل، مع وضع الأُطر التنظيمية والإجرائية لها من أجل تحقيق الحصانة القانونية المستدامة للشركة، وتوفير الحماية قبل إنفاق المال أو الدخول في أي صفقة لضمان نجاحها.