د. أحمد الفراج
العرب أمة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تفهم، ويصح القول أيضاً إنهم أمة لا تتعلم، وقد خطر كل ذلك في بالي، بعد أن احتفلت وسائل الإعلام العربية بشكل شعبوي، بعد فوز سيدتان مسلمتان في انتخابات مجلس النواب الأمريكي، والسيدتان من أصل فلسطيني وصومالي، وما كان خافياً على المحتفلين، هو أن هاتين السيدتين من خصوم المملكة وربما العرب عموماً، إذ يطفح حساب الصومالية، الهان عمر، بهجوم مركز على المملكة، مليئاً بالانتقاص والتهجم غير المبرر، ومن يتابع الحراك السياسي الغربي، يعلم أن الساسة من أصول عربية ومسلمة هم الأسوأ، عندما يتعلق الأمر بقضايا العرب والمسلمين، بل إنهم يبالغون في اتخاذ المواقف السلبية، من أجل إثبات انفصالهم تماماً عن هوياتهم الأصلية، والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى.
الغريب أن كل ذلك حصل، وكأن العرب نسوا تماماً ما فعله الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي احتضنوه، واحتفلوا به، وتحدثوا عنه، كأنه الزعيم الذي جاء من السماء لينصر العرب والمسلمين، ولعلكم تتذكرون تلك المعلقات التي كتبت بعد فوزه، ثم اتضح أنه أسوأ زعيم في التاريخ الأمريكي، إذ دعم ما يسمى مشروع التثوير العربي لتمكين تنظيم الإخوان من حكم العالم العربي، وهو الذي أزاح أحد أهم حلفاء أمريكا من حكم مصر، أي الرئيس حسني مبارك، ولم يكتف بذلك، بل كاد أن يدمر التحالف التاريخي، بين أمريكا والمملكة، وهو التحالف الذي كان دوماً حجر الزاوية في سياسات أمريكا في الشرق الأوسط، ومن ينسى خطوطه الحمر في سوريا، التي كان تنازله عنها سبباً رئيساً لتدمير سوريا دماراً شاملاً، ولم يكتف أوباما بذلك، بل تحالف مع إيران وركع لملاليها، ووقع معهم اتفاقاً مهيناً لأمريكا، قبل أن يتدارك الرئيس ترمب الأمر، ويعيد الأمور إلى نصابها.
نسي العرب والمسلمون كل كوارث هذا الرئيس، الذي اعتقدوا أن لون بشرته وديانة والده ستجعله يميل لصالح قضاياهم، دون أن يدركوا أن أوباما ومن على شاكلته يعانون من الشعور بالنقص، وبالتالي يحاولون تعويض ذلك بالانتقام من بني جنسهم، ولا ندري متى سيتعلم العرب الدرس، فاحتفالاتهم الأخيرة توحي بأنهم لا يمكن أن يتعلموا أبداً، وستثبت الأيام أن السيدتين الصومالية والفلسطينية ستبذلان قصارى جهدهما للوقوف ضد كل ما هو عربي ومسلم، تماماً كما فعل أوباما، الذي ذكر مستشاره الخاص، بين رودس، أنه يكره العرب كرهاً شديداً، ويعتقد بأنهم متخلفون، في ذات الوقت الذي يعشق فيه إيران والحضارة الفارسية، وجدير بالذكر أن سياسات أوباما أكدت ما كتبه المستشار، والخلاصة هي أنني اعتقدت أن العرب تعلموا الدرس بعد فترة رئاسة أوباما السيئة، ولكن اتضح أنني كنت على خطأ، وهذا أمر محبط للغاية!