شريفة الشملان
لازالت رائحة القصيم تعبق من ثيابي، ولا زلت نشوانة برائحة المطر بغابات النخيل، بالوجوه الباسمة. وبـ(يا حبي لك) تحية جميلة لكل من تلقاهن..
وتسألوني لما أحببنا (القصيم وعنيزة خصوصا) التي تستحق أن يضم رأسها، ولكني أحبها مفتوحة الرأس تنثر جدائلها السود لتعانق جسدها الجميل ونخليها الشماء الخضر.. من صغرنا وعنيزة حاضرة في بيتنا في السكري الذي يصلنا ما بين فترة وأخرى وفي الكليجا اللذيذة، لم نكن نكتفي بسهمنا ولكن نسرق ما تصل له أيدينا الصغيرة.
يحضر العمومة لنا وأبناؤهم ويتجولون في البصرة حيث التشابه الكبير غير أن شط العرب يشق البصرة شقا ويرويها وعنيزة لها الأمطار و الآبار ترويها، ويسابق نخيل كليهما طولا ليخاطب الآخر..
خمسة أيام هناك عادلت الكثير من الأيام بعيدا عنها.. ينزل المطر ليلا كثيرا جدا يغسل كل شيء، مطر جزل أنيق محب، حتى أصوات الرعد كأنها سمفونية ربانية وطق يا مطر طق عنيزة شوارعها رسمت بطريقة انسيابية ينساب المطر رقراقا نظيفا قد يتمنى المرء أن يحضنه لو كان بالإمكان أن يُحضن، يذهب للمجاري الكبيرة، وتصبح عنيزة التي جاءها مطرا كثيرا وكأنها غسلت بأيدي أمهر وأقوى الرجال.. وأظن مياه المطر تذهب إلى الوديان حيث تكون ذخرا لغابات النخيل صيفا..
هناك اهتمام لاحد له بالسياحة وقد فهم أهل القصيم عموما فائدة السياحة الداخلية وإن لم تفهمه وزارة النقل التي سآتي عليها لاحقا..
كل مكان يكاد يقول نحن هنا، سوق الخضار لوحده متعة خاصة لنا ربات البيوت، نشم رائحة الزرع حيث قطف للتو وجزء من رائحة الطين المبلول لازالت عالقة.. تمنيت لو أملك شاحنة أجمع بها مما تنبته أرض القصيم، خضار ما عرفت التخزين ولا أظن يمر بخاطرها الأسمدة الكيماوية. المسوكف السوق الشعبي حيث تجتمع الصناعات المحلية والتراثية فيه، تبيع به النساء ولا زلت أذكر السوق النسائي بعنيزة ويكاد يكون هو السوق الوحيد الذي كل البائعات من النساء..البيوت القديمة والتي أُحتفظ فيها كما هي، هنا نشكر هيئة السياحة على تنظيمها وجعلها مزارا للوفود الرسمية والأهلية، وإن كانت لا تتوفر لغير الوفود إلا بإذن مسبق..
بحيرة العوشجية، بحيرة جميلة وتعتبر أكبر بحيرة في المملكة، تصب فيها ثلاثة أودية رئسية،التي سميت بذلك نظرا لكثرة نبات العوسج هناك، وتشتهر منطقتها بزارعة القمح، والقمح القصيمي من أجود أنواع القمح، خاصة أن أغلبه لا يتم إضافة أسمدة كيمياوية له. وكانت منطقة نجد قديما تعتمد في غذائها على القمح والمائدة النجدية، ونقل بعضها لمناطق المملكة ومع طلبتنا انتقل لبعض الدول حتى من غير العربية عموما للقمح أطباق مميزة شعبية، مثل المرقوق، القرصان (الثريد) المطازيز واالعصيدة، والقشد وهو أكثر طبق شتوي ولذيذ جدا خاصة عندما يصنع بأيادٍ نجدية أحبه كثيرا وأنسى تحذير الأطباء وأقول في خاطري ((حقهم ما ذاقوه)).. يعتمد هو والعصيدة على التمر والدقيق الكامل والزيد.
أعرف أنني أكتب بعشق وهو عشق قديم متجذر، ولكني حتما سأرى أن هناك جوانب لابد من تفاديها لكي تكون الرحلة للقصيم ممتعة أكثر ومريحة أكثر وأيضا غير مكلفة للأسر خاصة ذوي الدخل المحدود.
وهناك أيضا بريدة العاصمة وهناك المذنب، الرس والبكيرية، عيون الجواء (وهذه بالذات أحب اسمها) حيث دائما أتخيل الآبار ومياهها الجاري تارة، وتارة أخرى يأخذني الخيال لأرى أجمل عيون النساء وأكاد أكتب شعرا..كما يقال القصيم كلها على بعضها جميلة وكل مدينة وقرية فيها لها طعم خاص وشكل خاص، كلها تكون لوحة أبدعها الخالق اسمها القصيم، حيث عبلة ووقوف عنترة عليها وتلك الآثار لشاعر المعلقة الكبير. إمرئ القيس وعبثه بالغدير حيث عقر للعذارى مطيته).
هناك الكثير ولمقال آخر..
ولكم أجمل المنى