خالد الربيعان
لو معك نصف ريال وسألت أحدهم كيف أستثمره.. ربما سيضحك منك كثيراً، ربما أكثر ما سيضحكه هو كلمة استثمره! ولكن في كرة القدم لا شيء مستحيلاً.. بنصف ريال فقط يا عزيزي ستتمكَّن من شراء سهم من أسهم نادي ريال مورسيا الإسباني!
أسمعك تقول لي «والله لو مركز شباب.. لن يكون سعر السهم فيه نصف ريال! « أقول لك ولكني متأكد! النادي نفسه وعلى موقعه الإلكتروني قام بفتح الباب أمام أي أحد.. من أي مكان بالعالم، أن يشتري 10 أسهم بسعر 1 يورو فقط! وإن شئت تشتري حتى ألف سهم فسيمكنك.. مع الاعتبار جيدًا أن النادي هذا ربما يكون في أزمة.. ولكن بنسبة كبيرة يمكن أن يخرج منها ويرتفع وقتها سعر هذا السهم الذي يضحك الناس من سعره !.. ما القصة!
إنها قصة ناد إسباني عريق! في مدينة مورسيا الأندلسية التي أسسها أميرها العربي عبد الرحمن الثاني، نادي المدينة تأسس منذ أكثر من قرن من الزمان.. 100 سنة، في عام 1908، وله من المواسم الرياضية 88 موسماً قام فيها لاعبوه بارتداء قميص ريال مورسيا، لعب منها 18 موسماً في دوري المحترفين الأول.. الليجا، مع برشلونة وريال مدريد!
النادي حالة تسويق واستثمار رياضي واضحة، لعدم التحديث والتطوير، لغياب الكفاءة في أمور النادي المالية، لعدم وجود أنشطة تسويق رياضي على مدى 100 سنة! فأين صفقة نجم كبير تسلط الضوء أكثر على النادي، أين الرعاة ومجهود إدارة النادي في جلبهم ليقف النادي شيئاً فشيئاً ويناطح الأندية الأوروبية الآن التي تعمل كلها وفق «فكر الاستثمار الرياضي»!
أين مبيعات تذاكره على ملعبه البالغة سعته 33 ألف شخص! حتماً هناك شيء ما خطأ، و قد تخمن أنها أحد الأسباب السابقة، وأنا أرى أنها كلها! والنتيجة أزمة مالية عصفت بريال مورسيا، ابتدأ الاقتراض من البنوك والشركات، تتكاثر الديون، لا وجود لأموال في خزينة النادي، اللاعبون لا يأخذون المستحقات، يرحلون، نتائج سيئة، وهكذا ... تبدأ عملية الانجذاب نحو الثقب الأسود كما أسميه!
ثقب ابتلع أندية من قبل، فيورنتينا الإيطالي، رينجرز الأسكتلندي الذي هبط وتم بيعه بـ 7 ملايين فقط مع أنه أحد قطبي الكرة محلياً وناد عريق جداً! بارما الإيطالي وإفلاسه وبيع كؤوسه وباص النادي بالمزاد! نعم إنها مآس بحق، عندما تتخيل حجم بؤس عشاق النادي.. خاصة كبار السن أو جيل «الطيبين» الذين عاصروا وعاشوا ذكريات أثرت في مسيرتهم!
عودة لبلاد الأندلس حيث مورسيا، الآن هناك حملات قادها رئيس النادي بنشر خطاب يطلب المساعدة والدعم من أي أحد وخاصة شعب مورسيا! منصات تواصل النادي بها حملات دعم تبدأ من 10 يورو، مع فتح موقع إلكتروني تم عمله خصيصاً لتنفيذ خطة «أعجبتني» للدعم وهي «توسيع رأس المال النادي» هكذا سماها الرئيس! نعم هي العنوان الأنيق لطلب الدعم!
تم وضع باقات لشراء أسهم في نادي ريال مورسيا الإسباني، بسعر السهم 0.12 يورو... أي.. نصف ريال!
مذهل!
قمت بعمل ملف تغريدات عن النادي وأزمته عبر حساب تويتر الشخصي، فوجئت بوجود عدد من المشجعين الإسبان «الموريسيين» داخل الملف عندي، ويقومون بالرد على من يريد الشراء ويعطونه الرابط، رغم أني لم أقم بالإشارة أو استخدام حساب النادي الرسمي في التغريدات! فمن أين جاءوا! لم أكتب غير كلمة مورسيا بالإنجليزية في تغريدة من التغريدات! إنهم جاءوا عبر البحث الذي قاموا به في تويتر، وهو بحث عن أي مساعدة لمحاولة إنقاذ ناديهم.. عجيب أمر كرة القدم! تجعلك عاطفياً ومتأثراً بشكل غريب.. أحياناً!