د. أحمد الفراج
يبدو الرئيس ترمب مُستفزاً للغاية هذه الأيام، فبعد هجومه المبرر على مراسل قناة سي إن إن الوقح، جيم أكوستا، ظهر على السطح خلاف، بين زوجة الرئيس، مالانيا ترمب، وبين نائبة مستشار الأمن القومي، وهو الخلاف الذي اضطرت زوجة الرئيس للحديث عنه علناً، وبعدها تم إبعاد النائبة عن البيت الأبيض، وبين هذه وتلك، جاءت زيارة ترمب لباريس، التي بدا وكأنه مجبر عليها، إذ هاجم بعدها الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، على حسابه في تويتر، الوسيلة التي يتعامل بها ترمب مع العالم، بعد أن فقد ثقته تماماً بالإعلام التقليدي، الذي يهاجمه بشراسة، ويهاجم أهم حلفائه، وهي حرب بلغت ذروتها، وصار من الصعب تخيل نهايتها.
مراسل سي أن أن، جيم أكوستا، استمرأ الهجوم على ترمب وإدارته، وبالغ في ذلك، بتشجيع من إدارة القناة، التي سخرت نفسها للحط من قدر إنجازات ترمب، هذا إذا تطرقت لها أصلاً، ويشاركها في ذلك أعلام اليسار، خصوصاً كبرى الصحف الأمريكية وأكثرها انتشاراً، الواشنطن بوست والنيويورك تايمز، ولا ننسى الدور الكبير لقناة اليسار، أم أس أن بي سي، التي يتولى فيها مقدمو البرامج خلق الصورة السلبية عن الرئيس، ولا يمكن إغفال دور المذيعة، ريشال مادو، التي أعلنت عشية فوز ترمب أنها في حالة صدمة، ثم تولت منذ ذلك الحين دور المحقق، الذي يختلق القصص الغرائبية عن بيئة البيت الأبيض، وعن الفوضى التي يمر بها، ولم تتورع عن نسج قصص خيالية، عن زيارات سرية لرجال أعمال روس لترمب، في محاولات مستميتة لربطه بروسيا، وأنه مجند من قبل بوتين لتدمير الأمة الأمريكية!.
عندما خفّ وهج قضية التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية، استغل خصومه فرصة انسحابه من الإتفاق النووي مع إيران، فتحول مقدمو برامج سي أن أن ومذيعوها إلى محامين لإيران، ولا يصدق المتابع كيف تتذلل مذيعة عالمية شهيرة، مثل كريستينا امانبور، ذات الأصول الإيرانية، إلى المسؤولين الإيرانيين، وكانت تبدو خلال لقائها مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، كتلميذة أمام أستاذها، تتركه يتحدث كما يشاء، دون أن تجادل بعض رواياته اللا منطقية عن سلمية إيران، كما يفترض عادة في لقاءات المذيعين المحترفين مع الساسة، بل إنها أحياناً تضع الإجابات على لسانه، ومثلها يفعل فريد زكريا، ذو الأصول الهندية، وكذا كريس كومو، وجيك تابر، الذين يتقمصون دور المحامي عن إيران نكاية في ترمب، وأتساءل: كيف ستنتهي هذه الحرب الشعواء على ترمب، التي تبدو أحياناً وكأنها حرب على أمريكا ذاتها، فترمب يبدو في حالة غضب واستنفار، والإعلام يبدو عازماً على مواصلة مهمته الحربية ضده، وهذا ما سيكون مشوقاً لمتابعته، والكتابة عنه.