خالد بن حمد المالك
يتحدث الرئيس التركي طيب أوردغان عن أن لديه تسجيلات صوتية وإثباتات عن مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي تدين المملكة، وأنه أَطْلعَ عليها بعض رؤساء دول العالم وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي ترامب، لكنه حتى الآن لا يفصح عنها، ويطالب المملكة بأن تكون محاكمة المتهمين السعوديين في تركيا وليس في المملكة.
* *
حسناً، إذا كان لدى الرئيس التركي كل هذه الثقة بتسجيلاته وإثباتاته، فماذا ينتظر حتى يقتنع بتسليمها للمملكة، خاصة وقد أعلنت المملكة في بيان نيابتها العامة كل ما لديها بالتوثيق والوثائق، وحددت الإجراءات الحقوقية والقانونية التي ستلجأ إليها لتحقيق العدالة في مقتل المواطن السعودي، فيما ترفض السلطات التركية التعاون مع المملكة لتزويدها بما تقول إن لديها تسجيلات صوتية عن مقتل المرحوم، رغم مطالبة المملكة بها في أكثر من خطاب وجهته للسلطات التركية.
* *
يبدو أن الرئيس التركي - والله أعلم - يريد أن تطول الفترة الزمنية لتغطية الحادث إعلامياً، بما يزيد من حجم الهجوم الإعلامي المغرض على المملكة، وأن ما لديه من تسجيلات لا يخدم الإعلان عنها هذا الهدف، بدليل أن من أطلعهم من الرؤساء على التسجيلات لم يلقوا لها بالاً، وأن رهانه على موعد اللقاء بالرئيس الأمريكي في فرنسا قد خيب أمله، وانتهى بلا جديد في الموقف الأمريكي من مقتل جمال خاشقجي، وهو ما أسقط في أيدي أعداء المملكة الذين كانوا ينتظرون نتائج من هذا اللقاء يكون في مستوى ما تحدث به الرئيس التركي في أكثر من خطاب.
* *
المملكة ظلت وإلى اليوم تتجنب الصدام مع تركيا، وتعتبر تسييس قضية مقتل الخاشقجي لعبة لا تخدم العلاقات الثنائية، ولهذا حرصت المملكة على التزام الصمت، والاكتفاء بالإعلان عن الحقائق الدامغة التي لا يساور المتابعين الشك في مصداقيتها، وبالتالي فقد فشلت كل المناورات التي تبنتها تركيا وقطر وآخرون للإيقاع بالمملكة في شرك مؤامراتهم.
* *
ما يعنينا في الموضوع، أن بيان النيابة السعودية أوضح بجلاء عن كل من له صلة أو علاقة بالحادث، وبالتالي فالمطلوب من الرئيس التركي أن يطلع المملكة بما يدعي أن لديه تسجيلات وإثباتات، وأن تتخلى النيابة العامة التركية عن تسريباتها على أنها من مصدر مسؤول، ويفصح هذا المسؤول عن اسمه من باب عدم إبقاء هذه التسريبات منسوبة لمصدر مجهول، والأهم أن تتعاون تركيا فتزود المملكة بكل ما لديها من معلومات تدعيها.
* *
ومن باب التمنيات، أتمنى على الرئيس التركي أن يصدر أمره ليس فقط بتزويد المملكة بما لدى تركيا من معلومات تخدم العدالة في قضية مقتل الخاشقجي، وإنما بتمكين من له علاقة بمقتل المواطن السعودي من الأتراك بالحضور سريعاً إلى المملكة للإدلاء بأقوالهم أمام المحاكم السعودية المعروفة باستقلاليتها، فقد يكون لهذا الحضور أهمية في مسار المحاكمات التي ستجري في المملكة للمتهمين، بدلاً من المطالبة بأن تكون المحاكمة في تركيا عن مقتل مواطن سعودي، والمتهمون فيها جميعهم من السعوديين، والقتل تم بما يعتبر بمنزلة أرض سعودية وهي القنصلية السعودية في تركيا.