تبوك - «الجزيرة»:
منطقة تبوك بمساحتها البالغة 117000 كيلومتر مربع، وبسكانها وعددهم (910.030) نسمة يقدر عدد المواطنين منهم بـ(722.664) نسمة بحسب تقرير الهيئة العامة للأحصاء لعام 1438هـ (2017م)، وبما يسكنها من قبائل عربية عريقة كريمة بأصالتها وتاريخها المجيد؛ فإن مثل هذه المنطقة لا بد أن تزخر بآثار ومواقع سياحية وتنوع جغرافي يدعو للزيارة والتأمل والاستمتاع بجمال الطبيعة وجمال أخلاق سكانها وكرمهم وشيمهم، وأصالة ورقي عاداتهم وتقاليدهم العربية الجميلة، وهنا سيكون التركيز على عنصر المواقع الأثرية بمنطقة تبوك. والتي يأتي في مقدمتها قلعة تبوك التي تقع داخل تبوك بنيت في عصر السلطان القانوني سنة 967 هـ وتدعى أيضًا (منزل أصحاب الأيكة) الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، ويقدر عمر القلعة بحوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة وجدد بناؤها عدة مرات، ثم جددت آخر مرة على أيدي هيئة الآثار والمتاحف، ويحوط بالقلعة 15 منزلا، ويوجد بداخلها فناء به بئر وغرف نوم بالجهة الجنوبية والشمالية وبها مصليان.
وكذلك مسجد التوبة ويدعى أيضاً (مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد أدى الصلوات بضع عشرة ليلة خلال (غزوة تبوك) المعروفة، وقد بني المسجد بادئ الأمر، من الطين وسقف بسعف النخل، ثم جدد بناؤه بأمر من جلالة الملك فيصل لدى زيارته له، وكان البناء الجديد قريباً في مواصفاته من المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.
أما سكة حديد الحجاز فتتمتع بالقرب من مدينة تبوك وهي إحدى محطات الخط الحديدي الحجازي الذي كان يمتد ما بين المدينة المنورة ودمشق، وتعد من المحطات الرئيسية المكونة من مجموعة من المباني داخل مدينة تبوك حيث وصل أول قطار لها عام 1906هـ وشيدت في العهد العثماني، وتم ترميمها أخيراً لتكون معلماً من معالم المنطقة.
وهناك كثير من الحصون العثمانية التي بنيت على مسافات متقاربة لحماية حجاج بيت الله القادمين بواسطة الخط الحديدي، ويعتقد أن هناك كثيراً من الآثار التي طمرتها الرياح على مدى السنين وهو الأمر الذي أخذ في عين الاعتبار عند القيام بالتنقيب عن الآثار في المنطقة.
عين السكر
تعتبر عين السكر أقدم عين في تبوك وكانت المصدر الوحيد لسقيا الزراعة في تبوك، وكانت عين السكر قبل 130 عاما، وقد قيل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقام عليها بضع عشرة ليلة وشرب منها وأصحابه، وقد كانت ذات ماء قليل حتى غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه فجرت العين بماء كثير فاستقى منها الناس ثم قال: «يوشك يا معاذ إن طالت بك الحياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً» وهي تقع في الجهة الجنوبية الغربية من قلعة تبوك.
صناعة بيوت الشعر
هذه الصناعة تتميز بها منطقة تبوك والمادة الأساسية المستعملة فيها صوف الماشية وتصبغ بالأصباغ التي تصنع محلياً أو تجلب من بلاد الشام فقد كانت تفرش المنازل بالساحات ومفردها (ساحة) وتصنيعًا يتم بنشر خيوط الصوف في اتجاهات متعاكسة وغالباً ما تصنعها النساء وتختلف جودتها باختلاف مهارة ربة المنزل. أما بيوت الشعر فأيضاً تصنع من خيوط صوف الماشية بعد غزلها وغزل الصوف يتم بواسطة النساء، أما صناعة البيت فيشترك الرجال أيضاً في تصميمه وذلك بجمع (الأشقه) ومفردها (شق) لتكوين بيت الشعر ونصبه على عمودين أو ثلاثة أو حتى أكثر من ثلاثة أعمدة.
صناعة الأشدة
صناعة الأشدة ومفردها (الشداد) وهو ما يوضع على ظهر (المطية) راحلة ابن البادية ويصنع من الخشب وتجمع أجزاؤه بواسطة جلد الجمل أو عصبة بعد التجفيف، والشداد يصنع من خشب خاص أو من أعواد الخيزران الغليظة، كذلك تنتشر حرفة صناعة الهودج في هذه المنطقة، والهودج أيضاً يوضع على ظهر الذلول ولكنه خاص بالنساء حيث يغطي ويحمي المرأة من حرارة الشمس أو المطر أو غيره أثناء ترحال القبيلة من مكان لآخر كما يوضع به العروس أثناء زفافها من بيت أهلها إلى بيت العريس، هذه الحرفة تصنع بواسطة الرجال.
صناعة المراكب والسفن الشراعية
اشتهر أبناء المحافظات الساحلية بالمنطقة بهذه الحرفة في القدم وتم تصديرها إلى مناطق ساحلية على امتداد ساحل البحر الأحمر، وكانت محافظة الوجه تزخر بالمهرة في صناعة السفن ومستلزمات الصيد البحرية وقد ذكر (الحموي) ذلك في تاريخه عن منطقة الشمال الغربي.
صناعة السلاح الأبيض
تتمثل بصناعة السيوف والشباري وكانت تقتصر على فئة معينة تقوم على صناعة وصقل السيوف والشباري أي (السكاكين) وتكون هذه الفئة في حماية القبيلة لأنها ليست من أبناء القبيلة وتقوم هذه الفئة على صيانة دلال القهوة وهو ما يسمى بـ(الرب) وصناعة أحذية الخيل وأعنتها وصناعة الفؤوس والقرب (قرب الماء).
الأكلات الشعبية
المرقوق: مزيج من عجين البر واللحم وبعض الخضار.
الفتة: أكلة الفتة لها عدة أسماء منها المجللة والخميعاء عبارة عن خبز يوضع مباشرة في الجمر وبعد أن يستوي يفرك ويصب عليه مباشرة السمن البري.
المفروكة (جمرية): عبارة عن قرص يدفن في الجمر ثم يقطع ويخلط معه التمر أو العسل مع السمن البري ويفرك لذلك سمي بالمفروكة.
الجريش: هو الجريش المعروف وهو عبارة عن حب قمح مجروش مطبوخا باللبن يوضع عليه بعد أن يستوي قليلا من السمن البري.
المجللة والخميعا: وهي عبارة عن خبز نار ما يسمى بالقرص يقطع في اللبن ويعجن ثم يسكب عليه السمن.
الألوان والرقصات الشعبية
اللال: يتميز بلحنة الحزين وهو أصله تبوكي.
الدحية: هذا اللون الذي نجده في الجزء الشمالي والشمال الغربي على حد سواء إلا انه يختلف قليلاً من حيث الرتم الموسيقي بين هذين الجزأين ولون الدحية والذي يطلق عليه المهتمون بفن التراث الشعبي (أنفاس الفرسان) يؤدي بشكل جماعي إذ يشكل مؤدوه صفين متقابلين ويقف الشاعر في وسط أحد الصفين لينشد قصيدته المغناة.
لون الهجيني: المعروف لدى القبائل على امتداد جزيرة العرب إلا ان هذه المنطقة فاقت بقية المناطق في افراز شعراء هذا اللون.
الرفيحي: هذا اللون المميز من الألوان الشعبية الشائعة في منطقة تبوك وتحديدًا في المحافظات الساحلية والرفيحي فن يؤدى في المناسبات العامة والخاصة وله ألحان عديدة وغالباً ما يؤدى بمصاحبة الطار، يتميز بأدائه أبناء المحافظات الساحلية بالمنطقة ويشبه في غالب ألحانه شعر المراد (بالقلطة) حيث يقف بأدائه شاعران بين صفين من الرجال يقول الشاعر الأول بيتين من الشعر المغنى، ويرد عليه الآخر ببيتين مماثلين في الوزن والقافية. وقد قال عنها أحد الدارسين بألوان فنون التراث الشعبي بأنه الإرث الفني الأشمل والأجمل في المنطقة.
الريحان: هذا اللون يشبه إلى حد بعيد لون الرفيحي فهو يؤدى بشكل جماعي ولكن بدون مصاحبة الإيقاع عند بني عطية والحويطات.
الخبيتي: وهو لون الخبيتي المعروف في المنطقة الغربية هذا اللون الشعبي يؤدى في الجنوب من المنطقة الشمالية الغربية وغالباً ما يؤدى من أبناء الساحل المجاورين للمدينة المنورة وهو أكثر شهرة في مدينة ينبع.
السامري: وهو لون السامري المعروف لدى أبناء الجزيرة العربية ولا يختلف أداؤه ولحنه عما عرف في السابق ويستخدم به الطار لإضفاء إيقاعه المميز وله ذيوع وشهرة في محافظة تيماء.
السمسية: فن السمسمية فن متميز تعرفه العامة فهو لحن الساحل الغربي من أقصى جنوبه حتى شماله وقصائد السمسمية نجدها دائما ذات مدلول ومعنى عميق، وغالباً ما تستخدم السمسمية لتجسيد ألحان القصائد البحرية التي يتغنى بها البحارة أثناء الصيد للترويح عن أنفسهم.
الربابة: ويغني عليها ألحان القصائد النبطية وأجمل ما يغنى على الربابة من ألوان أو بحور الشعر النبطي لون المسحوب، وقد اشتهر الكثير من أبناء الجزيرة العربية بالغناء والعزف على الربابة في العصر الحديث.