سمر المقرن
لا يخلو موقع من مواقع التواصل الاجتماعي ولا قروبات الواتس أب الإعلامية التي أطلع عليها من وقت لآخر، من الهمز واللمز والتصريح والتلميح على إعلامنا واتهامه دوماً بالفشل. بت أشعر أن حالة الجلد هذه أصبحت عادة لدى -بعضهم- حيث يرى أن اتهام الإعلام بشكل عام أو مؤسسة إعلامية بعينها بالفشل كما يزعمون، أنه شعور بالانتصار وأن من يرمي التهمة يريد فقط أن يرى الآخرون بأنه الوحيد الذي يفهم كل شيء بلا استثناء، لذا بكل سهولة يُلقي بالتهمة دون مناقشة أدنى تفاصيل هذا الفشل الذي يراه، فيُلقي بالتهمة وهو ممتلئ بالانتشاء ويمضي!
أنا كمتخصصة في الإعلام مهنياً وأكاديمياً، أرى أن إعلامنا يضم أقوى وأعظم المؤسسات والمتخصصين -وأقصد هنا الصحف المطبوعة والقنوات التلفزيونية- وهو إعلامٌ صادق ونزيه ولا يعمل ضمن خطط تخريبية ولا يكيل بمكيالين لأي أحد كان بالكذب والتشويه وافتعال القصص الوهمية، إنما يتحدث بلسان واضح وصريح بلا مواربة أو خوف أو تردد. هنا أتحدث بشكل عام، إذ لا يمكنني التفصيل لأن أيضًا مقاييس كل مؤسسة إعلامية يختلف عن مقاييس الأخرى، والتفصيل يحتاج إلى دراسات وأبحاث وتحليل محتوى نستطيع من خلاله الخروج بنتائج، وإن كنّا لسنا في هذا الوارد، إلا أن هذه العينة التي أعني حديثي عنها اليوم هي فئة لا تنظر إلا إلى الجزء الفارغ من الكأس، وهي ليست ذات نظرة تشاؤمية بقدر ما هو حب في ممارسة «الأستاذية» وليت هذه الممارسة نافعة، وتقوم بتقديم أوجه الخلل وعمل مقترحات أو أفكار تراها نافعة، إنما مجرّد الاستمتاع بالتقليل من الآخرين والتحسّر بلا أي مبالاة لحجم مثل هذه التُهم، ودون أدنى شعور من مغبّة الوقوع في مثل هذا المنزلق!
ودعوني هنا ألطف الحديث قليلاً، وأتحدث عن بعض ما يقوم به هؤلاء من أفعال مضحكة، فإن خرج برنامج اجتماعي أو فني أو فكاهي على واحدة من قنواتنا قالوا قنواتنا مشغولة بالتفاهة ولدينا أحداث أهم، وكأنهم يريدون هذه الفئة من البرامج أن تتحول عن طبيعتها، وإن تم عرض مسلسل أو فلم قالوا قنواتنا مشغولة بالمسلسلات والأفلام، وإن كُتب في إحدى الصحف مقالاً عن السعادة أو الإيجابية قالوا صحفنا مشغولة بالتفاهة! حقيقة هذا ما يوصف بشر البلية ما يضحك، بل لو إن مبدعاً ظهر قالوا إعلامنا لا يهتم بالمبدعين ومنشغل بالتافهين!
عجيب أمر هؤلاء، وضعهم صعب جداً، لكن من المهم أن نحتمي من سلبيتهم الآتية من بقايا الصحوة التي عاشت ردحاً من الزمن تُشكك في إعلامنا، وأن نقلب الصفحة السوداء على الثقة والإيجابية والإيمان بأن الإعلام الصادق والنزيه هو الأبقى!