د. محمد عبدالله العوين
احتفل أستاذي الدكتور محمد بن سعد الدبل - رحمه الله - بمناسبة حصوله على درجة الماجستير في البلاغة والنقد من كلية اللغة العربية بجامعة الإمام عام 1398هـ ودعا عميد الكلية الشيخ عبد العزيز الفالح ومساعده الشيخ ناصر الطريم وعدداً من أساتذة الكلية، ومنهم الدكاترة بدوي طبانة، ودرويش الجندي، وعبد الرحمن رأفت الباشا، وسيد عبدالفتاح حجاب، وعبد القدوس أبو صالح، ومحمد بن سعد بن حسين، ومحمد المفدى، وعبد العزيز الفريح، ومحمد الربيع، وعلي عبد الحليم، واستضاف أيضاً الدكتور أحمد كمال زكي أحد مناقشيه في الرسالة.
كانت الرياض في تلك الفترة من الزمن وفي تلك المرحلة من عمر التنمية السعودية بدأت رويداً الخروج من دائرة الرياض القديمة وأخذت تتمدد قليلاً إلى الأحياء الجديدة الناشئة بتأثير من تدفق السيولة المالية مع الطفرة الأولى بعد ارتفاع أسعار البترول، وكان الدبل يسكن - آنذاك - في حي السبالة، أحد الأحياء القديمة في الرياض؛ حي منازله مبنية على النمط الشعبي، وبيوته صغيرة متلاصقة، وشوارعه ضيقة، ومناسبة كبيرة كتلك لن يتسع لها منزله المتواضع، فاضطر أن يجمع المدعوين في سطح المنزل، والوقت كان ربيعياً، فأقام مأدبة كبيرة باذخة كعادة أبي سعد في كرمه المعهود، والحق أن معظم سكان الرياض في تلك المرحلة كانوا متقاربين في مستوياتهم المعيشية وفي سكنهم أيضاً، فما يفضل أحد أحداً إلا في النادر، والحي النادر المتطور قبل عام 1400هـ قياساً إلى غيره من الأحياء الشعبية كان حي الملز، وكانت تسكنه الطبقة الجديدة الناشئة من التجار وكبار موظفي الحكومة؛ على أن الدبل انتقل كما انتقل كثيرون غيره إلى مساكن أكثر حداثةً وجمالاً واتساعاً في أحياء جديدة بعد أن تمددت الرياض واتسعت وأصبحت مدناً في مدينة.
جمعت تلك المناسبة الفريدة من نوعها نخبة أساتذتنا في الكلية، وكنت حينها في السنة الثانية، وقد أعددت عدتي لتوثيق المناسبة، ولم أر أحداً غيري يلتقط صوراً، وقبل أيام من مناسبة العشاء كنت الوحيد أيضاً الذي شع نور كاميرته فجأة وسط قاعة كلية الشريعة التي تمت فيها مناقشة الدبل للماجستير، وقد قوبل الفلاش بمشاعر امتعاض وعدم ارتياح للتصوير من بعض الحضور، وأشاح كثيرون بوجوههم لئلا يظهروا في اللقطات، ولكنني تجرأت وضربت بإصبعي على اللاقطة مرات عدة على الرغم من مشاعر الممتعضين!
كنت وأبناء جيلي يرى هؤلاء الأعلام من كبار الباحثين والنقاد منارات علم وقادة فكر، فكانت الجلسة الحرة معهم ورؤيتهم بعيداً عن وقار قاعة الدرس أمنية لكل طالب، ولا شك أن أستاذنا الدبل قد برني وبر نفراً آخر من بلدياتي بتلك الدعوة الكريمة، ومنهم الأخوان الفاضلان زيد الخرعان وناصر الجريد.
درسني الدبل في المرحلة المتوسطة وجزءاً من المرحلة الثانوية بعد أربع سنوات من تخرّجه في كلية اللغة العربية عام 1388هـ، وللقصة بقية.. يتبع