خالد بن عبدالكريم الجاسر
تحت قبة الشورى جاءت وثيقة الخطاب السنوي الملكي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- مُعززةً لقول الله تعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، كقيمة مستمدة من الشريعة الإسلامية السمحة، يتجلى معناها ودلالاتها في مواصلة مسيرة التنمية والإصلاح والبناء، وتُرسّخ قيمة رمزية ومعنوية لا تقل أهمية في تجسيد تواصل القائد مع شعبه على واقع متغيرات متسارعة دولياً، لما تمثله المملكة من مكانة وتقدير عالمي، وعلاقات مؤثرة تجاوزت محيطها العربي والإقليمي، في دور إنساني لإغاثة الملهوفين، إلى جانب ثقلها الإسلامي في رعاية شؤون الحرمين والعناية بهما، كذلك المشروعات التنموية داخلياً وتمحورها حول المواطن الذي أثبت علاقته المُتجذرة بأرضه وقيادته، حتى أصبح عنواناً لخطاب مليكه، ومحوراً مُهماً في تشكيل حراكه على كافة المستويات، بما يتسق ومصلحة الدولة ككيان راسخ الجذور يؤدي أدواره بتكاملية فاعلة وناجحة بالشراكة مع بقية المؤسسات التي تُؤدي أدوارها وفق الضوابط التي اختطتها مسيرة البلاد.
لقد عبر الملك سلمان عما يُميّز السياسة السعودية داخلياً وخارجياً، مُكرراً إياها ثقته بالمواطن، كشريك رئيسي للتنمية والتحول الوطني، الأمر الذي ترك أثراً عالياً من حفاوة الدولة وتقديرها للمواطن السعودي، وما يستحق من أن يكون في المكان الذي يليق به عالمياً، عاكساً تناغم وانسجام السلطات الثلاث في المملكة (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) للوصول إلى الأهداف المطلوبة بأسرع وقت وأقل تكلفة، والاحتفاظ بمشروعية كل سلطة وصلاحيتها ومهماتها في التوافق العام مع بقية السلطات.
وبحصافته -أطال الله عمره- الراسخة التي تستحضر العُمق في أدقّ تجليّاته تميز الخطاب بالواقعية والشفافية السباقة، لاغتنام الفرص وتنويع الإيرادات بسياسات توسعية توفر بيئة استثمارية جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية من أجل نمو اقتصادي مُستدام أساسه اقتصاد المعرفة والتقدم التكنولوجي بدلاً من الوسائل التقليدية ومصادر الدخل الناضبة واقتصاد الوفرة بدلاً من اقتصاد الندرة بما يجسد مبادرات وأهداف رؤية 2030، والسعي الحثيث إلى تحفيز الاقتصاد وتعزيز تنافسيته حتى يحتل مكانة مرموقة يجعله في قمة أكبر الاقتصاديات العالمية من المرتبة 18حالياً إلى مراتب أعلى -إن شاء الله-، ويتحول من اقتصاد مستورد إلى اقتصاد مُصدر بكفاءة عالية، تزيد من مشاركة المواطنين والمواطنات في التنمية الوطنية، ودعم مشاركة القطاع الخاص في تحقيق الرؤية الطموحة.
إن النجاحات التشريعية المميزة التي ينجزها مجلس الشورى كل عام بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين قائدي مسيرة الإصلاح والتطوير، فضلاً عن مقترحات أعضائه في تبني توصيات حول أنظمة وقضايا واحتياجات الوطن والمواطن السعودي؛ تُؤدي كلها إلى التحول في هذا العهد الزاهر إلى وثيقة عمل ينخرط فيها المجتمع ككل.. اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وبارك قيادة مملكتنا وأدم علينا أمننا واستقرارنا.