فيصل أكرم
لروح الصديق الأحبّ، الفنان فهد الحجيلان - رحمه الله - وروحي، استكمالاً لقصيدتي عنه وله - (حواريّة الريح) المنشورة في مثل هذا الخريف من عام 2002 - وأثمرتْ على يديه معرضاً للوحات تشكيلية متفوّقة الإبداع؛ لم يعطها أحدٌ بعضَ حقها بعدُ) ...
* * *
من بعد ما أتممتُ بعضاً من غيابٍ
كان ينقصني تماماً
كلّما حلَّ الحضورُ عليَّ في عَهدِ اغترابٍ
كي أكونَ، إذا رحلتُ
وضعتُ نفسيَ في ارتحالٍ كاملٍ
- من سوف يعجبه انتقاصكَ؟
- بعضُهُم.
- ومن الذي يرضى رحيلكَ كاملاً؟
- وحدي، أظنُّ، وكلُّهم.
- كلَّمتَهُم؟
- كلَّمتُ نفسي..
- ما أجابتْ؟
- لم تُجب!
وسرى بيَ المطرُ الخفيفُ إلى دروبٍ
تحت عَتمٍ من غيومٍ كنتُ أحسبها الثقيلةْ
مُذ أن تخيّرتُ المسافاتِ الطويلةْ
هذا أنا، يا فهدُ، قد غادرتُ قبلكَ
إنما..
ماذا أصابكَ كي يكون رحيلكَ الأسبقْ؟
كنا نحاورُ بعضنا، في البُعدِ، من بعد اقترابٍ
كان – أقسمُ أنه - الأعمقْ
.....
يا فهدُ.. تذكُرُ، كيف تلكَ الريحُ قالتْ
ثم مالتْ للترابِ؛ وكنتَ ترسمُ
كنتُ أكتبُ
كنتَ ترسمُ
كنتُ أكتب؛ إنما... وقفتْ يداكَ وما وقفتُ
الآنَ؟ لا..
بل منذ آذارٍ مضى
العمرُ، يا فنّانَ رسمِ العمرِ، نعرفُ أنه
سيظلُّ يأتي.. مثلَ وعدٍ بينه والصَّبْرِ، أوْ هُوَ
مثلما لم يأتِ قبلاً!
حتى إذا قيلَ: انقضى.
فارحلْ
سأرحلُ
نلتقي
وستلتقي اللوحاتُ والكلمات مهما نفترقْ
هل من فراقٍ للذين تواعدوا عند النجومِ
على احتمالٍ من شفاعةِ جمرةٍ
كانت – قُبيلَ رحيلنا – إلاّ غضى...؟!
القاهرة - نهاية خريف 2018