د. صالح بن سعد اللحيدان
تطلق كلمة الحل على معانٍ كثيرة، وهي كلمة لا يُفهم معناها إلا بمرادف لها يدل على المراد منها. وقد استعملها العلماء وأهل اللغة والمؤرخون ومن ألف في ظروف الأمكنة والأزمنة. وفي هذا الجزء من العجم أحاول بيان المراد منها، ذلك حتى لا تتشابه بغيرها، إذ جاءت هذه المفردة (الحل) على سبيل الإطلاق في بعض مطولات المصادر، من هنا أردت أو رغبت بيان شيء ما حولها، فهي تطلق مثلاً على هذه المعاني:
1 - الحل بكسر الحاء ما يكون خارج حدود الرمي.
2 - الحل ما كان خارج كل مسجد أو جامع.
3 - الحل ما كان خارج ما يملكه الإنسان شرعاً من بيت أو مزرعة أو أرض، بمعنى لا يحل لأحد ما أن يحدث فيها أي شيء لكن خارجها يفعل ما يريد بالشراء أو الإحياء.
4 - الحل ما يكون خارج السوق الموضوع للبيع أو الشراء فيجوز فيه البيع إلا ما يكون من تلقي الركبان فهذا محرم.
5 - الحل على المصدر ما يحتله الإنسان من مكان يجلس فيه كل شروق شمس ولا يدخل في هذا ما يفعله بعض العوام من الحل في الجامع أو المسجد كأن يفرش سجادة أو يجعل له علامة لا يحل لأحد أن يجلس فيه.
6 - الحل وهذا ما كان أهل الجاهلية الأولى يفعلونه خاصة مع الضعفاء أو الذين يميلون إلى بساطة الذكاء أو الجهل في كثير من الأمور، وقد قال قائلهم: الحلال ما حل باليد.
7 - الحل السكن البيت، وإذا كانت الحاء مفتوحة إنما يراد بهذا الإجابة يقال: حل السؤال أجاب.
وترد حل بمعنى نزل وقول القائل حل بكسر الحاء إرحل، يقال حل عني أتركني أو ابتعد عني، وأحل بفتح الهمزة والحاء مثلها أسكن بفتح الهمزة على الفعل الماضي، قال جل وعلا {أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ}؟
8 - وحل نزل واستقر.
9 - وحل يمانية، فأهل اليمن وعمان بضم الميم ينطقونها كذلك.
10 - وحل الشهر دخل أوله أو هل هلاله.
11 - وحل الليل جاء بظلامه.
12 - وحل النهار جاء بضيائه، وهذه يقاس عليها.
13 - حل محله، يقال حل الرجل مكان الرجل أي جلس مكانه بعد قيامه منه، وحل محله ناب عنه كنائب الحاكم أو المفتي أو القاضي.
14 - ويحل المسألة يجتهد فيها للوصول إلى رأي صواب إن كان من أهل الاجتهاد بضابط معرفة الناس بحالة من التقوى والورع ومن علم متضلع بمعرفة الناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد ومعرفة عموم الأدلة من صحيح وضعيف وعام وخاص، قلت ولا يكتفى بالشهرة فإنها ليست بشيء.
15 - ويحل القول يقع ومثل ذلك تحل تقع.
16 - وإحلال على وزن إفعال، وهذه سماعية يراد بهذا إنزال.
17 - تحل عليه يكون عليه، وهذا من المشترك اللفظي.
18 - تحلل خرج من شيء إلى شيء آخر لكن يراد بهذا تحلل من الإحرام بعد الحج أو العمرة، عقب أدائهما أو بعد الإحصار لمن اشترط ذلك عند إحرامه بقوله (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني).
19 - الحل الذاتي ويقال التحلل الذاتي، وذلكم هو مكاشفة النفس بتمام التجرد للتحلل ممن تم الإساءة إليه بمال أو زواج أو عرض أو وشاية حصل منها ضرر على الغير فيبادر العاقل الحر إلى المصالحة مع نفسه ومصادقها بصدق الإقبال فيتحلل ممن أساء إليه خاصة العرض ولا يتردد ولا يهن ولا يضعف فإن ما يتعلق بالعرض من قريبه أو من له حق عليه فإن لم يفعل ذلك فلا يكفي مطلق التوبة، فهذه من حيل النفس التي تحجز رؤية العقل وتتعلل بحال صغر السن أو الجهل بالعواقب.
قلت وخلاك ذم حيل النفس كثيرة لاسيما إذا استعانت بالقلب فإن النفس هنا تضرب أطنابها لاسيما إذا كان من أسأت إلى عرضه بأهله ضعيفًا أو هو لا يقدر على شيء لحال ما من الحالات، فهذه تجرك إلى ندم الأبد، فخذ أو دع.