د. أحمد الفراج
وجاء اليوم المنتظر، اليوم الذي انتظره خصوم المملكة الإقليميون، ومعهم تنظيمات الإسلام السياسي طويلا، فقد كانوا يمنّون النفس بتخريب التحالف الإستراتيجي، بين أمريكا والمملكة، والعودة إلى أيام سيء الذكر، باراك أوباما، وهي الفترة، التي عاثوا خلالها فسادًا وإفسادًا، فمن فوضى باسم الربيع، إلى دعم تنظيمات التطرف والإرهاب، بدءًا من تنظيم الإخوان وحزب الله، وليس انتهاءً بالقاعدة وجبهة النصرة وداعش، بدعم من هذا الرئيس البائس، الذي أفقد أمريكا هيبتها، وكاد أن يدمر تحالفاتها التاريخية، ولكن كل هذا انتهى، عندما خسرت وريثة أوباما، هيلاري كلينتون، ماراثون الرئاسة، أمام القادم من ساحة المال والأعمال، دونالد ترمب، الذي كانت له حسابات أخرى مختلفة، عمادها مصلحة أمريكا العليا.
جاء اليوم الموعود، وصدر بيان البيت الأبيض، الذي أعلن من خلاله الرئيس ترمب أنه لن يتخلى عن تحالف أمريكا الإستراتيجي مع المملكة، وقد كان بيانًا مفصّلا ومفصليا، وضع النقاط على الحروف، وبين أهمية المملكة، ليس لأمريكا وحسب، بل للعالم أجمع، فاستقرارها استقرار للعالم، والتخلي عن التحالف معها مستحيل، إذ هي حجر الزاوية لسياسات أمريكا في الشرق الأوسط، سواء تعلق الأمر بزعامة العالم الإسلامي، أو مكافحة التطرف والإرهاب، أو الحد من سياسات إيران التوسعية ودعمها لحركات التطرف، وكان واضحًا أن بيان البيت الأبيض تم إعداده بعناية فائقة، فقد تطرق للخطر، الذي تمثله إيران على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وغني عن القول إن إدارة ترمب تعتبر أن إيران تشكل تهديدًا على الأمن القومي الأمريكي، وبالتالي فإن المملكة شريك مهم في الحد من هذا الخطر ومحاصرته.
بيان البيت الأبيض حمل إشارات عدة، كان أهمها أن ترمب لم يخضع للضغوط الهائلة من الديمقراطيين واليسار عموما، ومن الإعلام الأمريكي المنحاز ضده حد التوحش، فقد كانوا، وبدعم من دول المحور المضاد للمملكة في الشرق الأوسط، يأملون في أن يؤدي تسييس حادثة تركيا إلى تحول في موقف ترمب وإدارته من المملكة، ولكن ترمب أثبت أنه أذكى منهم جميعًا، وفهم اللعبة مبكرًا، كما أثبت أنه زعيم صلب، لا يمكن أن يوجهه أحد، عندما يتعلق الأمر بمصالح أمريكا العليا، فاتخذ قراره ومضى، وترك لهم النياح المزور، واللطم المدفوع الثمن، وزاد على ذلك بأن أعلن أنه سيلتقي ولي عهد المملكة في قمة العشرين القادمة في الأرجنتين، في إشارة مهمة إلى ثقته بولي العهد، والخلاصة هي أن خصوم المملكة عملوا طويلا على إفساد التحالف السعودي-الأمريكي، فجاءهم الرد صاعقًا وصريحًا وواضحًا: علاقة أمريكا بالمملكة استراتيجية، ولا يمكن لأي كان أن يؤثر عليها، وبهذا انتصرت المملكة مرة جديدة!