فهد بن جليد
تجربة خاصة خضتها يوم أمس الأول في القاهرة ضمن مجموعة من الزملاء الإعلاميين والأطباء والمصابين بمرض التصلب اللويحي أو (المتعدد)، مع عدد من مسؤولي الجمعيات التي تخدم هذه الفئة في السعودية ومصر، البلدين اللذين يضمان أكبر عدد من المصابين في المنطقة. الهدف هو زيادة التوعية بالمرض، وسماع تجارب بعض المصابين والصعوبات التي تمنعهم من التعايش مع المرض الذي لا يعرف عنه الكثيرون بالشكل الصحيح، وهذه أكبر مصاعب هؤلاء؛ إذ يشكل غياب الوعي الكامل والمعرفة التامة وفَهم طبيعة المرض وما يحتاج إليه أو ينتظره المصاب من مجتمعه أهم العقبات في طريق تأقلمهم أو تعايشهم مع المرض، والتغلب على أوجاعه، وتجاوز آثاره.
كغيري من الإعلاميين السعوديين والمصريين الذين حضروا المؤتمر التوعوي، أتيتُ ولدي تصور خاطئ بأن المصاب بالتصلب المتعدد أو اللويحي المعروف طبيًّا بالـ(MS) هو مجرد (معاق) من ذوي الاحتياجات الخاصة، يحتاج إلى كرسي متحرك، وقد يلزم الفراش نتيجة شلل تام، أصاب النخاع الشوكي، ولكنني فوجئت بأن هناك أشخاصًا أسوياء يعيشون بينا, ويمارسون حياتهم العملية والاجتماعية بشكل (شبه طبيعي) معظم الوقت، هم مصابون بالتصلب اللويحي, تأتيهم أعراضه ونوباته وهجماته بين وقت وآخر, وسط غياب (شبه تام) لمعرفة هذه الآثار من المحيطين بهم، أو تفهُّم طريقة التعامل الصحيحة مع هؤلاء؛ الأمر الذي تسبب في فقدان عدد منهم وظائفهم (المتخصصون في المؤتمر يتحدثون عن 46 % من المصابين خسروا وظائفهم)؛ وهو ما أحدث ردة فعل عكسية، وتخوفًا لدى أكثر من نصف المرضى الباقين، جعلهم يخفون الإصابة بالمرض, وأنتج مشكلة أخرى في تفسير أعراضه بشكل خاطئ من أرباب العمل أو الأصدقاء وأفراد الأسرة والجيران، وتصنيف المجتمع لهذه الآثار التي تظهر عليهم بالإهمال، وعدم التركيز، و(الدلع) أحيانًا، وعدم المسؤولية... إلخ؛ وهو ما شكَّل ضغطًا جديدًا على هذه الفئة.
عندما تجد شخصًا يعاني من التناسق الحركي (يسقط بكثرة) نتيجة الدوخة، إضافة إلى مشاكل وصعوبات التحكم بـ(المثانة) عند التبول -أكرمكم الله- ووجود ضبابية في الرؤية لبعض الوقت في العينين أو إحداهما، والشعور الدائم بالإرهاق وبطء الحركة بعض الشيء مع الشعور بوخزات أو تنميل في الأطراف, وعدم تحمُّل العمل لفترات طويلة في الأجواء الحارة، وعدم القدرة على الوقوف لفترات طويلة أو بذل مجهود متواصل، فأنت أمام مريض محتمل بالـ(MS)؛ وعليك التصرف معه بالشكل الصحيح؛ حتى لا نفقده (كعضو فاعل) و(منتج) في المجتمع.
غدًا نكمل بقية الحكاية.. وعلى دروب الخير نلتقي.