يوسف المحيميد
إحدى المكتبات المهمة في الرياض، تلك التي انطلقت قبل نحو عشر سنوات، وراهنت على الكتاب لوحده، ولم تروج إلى أنها ليست مجرد مكتبة، وإنما أثبتت المرة تلو الأخرى بأنها خزانة كتب فقط، وأنها تراهن على الكتاب لوحده، بعيدًا عن مغريات العصر الجديد من أجهزة إلكترونية وخلافها، هذه المكتبة أثارت مواقع التواصل الحكومي بعد تنازلها عن جزء من مساحتها، بحثا عن توفير تكاليفها، ومقاومة الموت مبكرًا.
خلال الفترة ذاتها، قام ناشطون في الكويت الشقيقة بتنفيذ عمل فني احتجاجي أمام لجنة مراقبة الكتب، هو عبارة عن كتب على هيئة شواهد قبور، وعليها عناوين الكتب التي تم منعها خلال الفترة 2013-2018 مما يشير إلى الحالة التي وصلت إليها رقابة الكتب في الكويت، بينما الكتاب في العالم أصبح قادراً على التنقل ببساطة، ومقروءاً في الأجهزة اللوحية الذكية، ولا يحتاج إلى عناء البحث عنه، ولا إلى منعه بهذه الطريقة التقليدية القديمة!.
وقبل عدة سنوات، قامت إحدى دور النشر اللبنانية بوضع تابوت في جناحها بمعرض بيروت للكتاب، معلنةً عن موت الكتاب. كل هذه الحوادث للأسف تكشف أيّ حال متردٍّ وصل إليه الكتاب دون مبادرات جادة تدعم وجوده، والحفاظ عليه، وجعله يتنفس بين أيدي القرّاء، خاصة في دول العالم النامي، وكافة الدول العربية، التي لم تستطع أن تنهض وتسير مع العالم، فهي لا تكتفي بإهمال الكتاب وتثقيف شعوبها، وإنما تجهيلها وحجب الكتب عنها!.
ولعل أجمل ما نعيشه في وطننا في السنوات الأخيرة هو التخفف كثيرًا من هذا الحس الرقابي على الكتب، فلم يعد الكتاب بعبعاً مخيفاً كما كان في السابق، وتجربتي الأخيرة عند عودتي من معرض الشارقة للكتاب، أوضحت لي أن الكتب التي أحملها لم تعد تستوقف التفتيش، فقد أصبح الأمر عاديًا، وهذا هو الطبيعي في جميع دول العالم، بل الطبيعي أن تسعى الحكومات بكل ما تملك إلى دعم الكتاب وإنقاذه من الموت، وهو ما نتمنى أن نجده لدى كل الجهات ذات العلاقة بالكتاب، صناعة وتسويقا له.