عماد المديفر
قوى الشر والإرهاب والظلام هي عدونا الحقيقي.. لكن من هي تحديداً هذه القوى؟
إن أكبر خطر تواجهه قوى الشر والإرهاب في الشرق الأوسط؛ هو تحقيق الأمن والأمان، وانتشار الوعي، والحضارة، والتقدّم، والإنتاج، والازدهار، والانفتاح على الآخر، وتعزيز التحالفات، ونشر السعادة، وثقافة البهجة والمرح، وروح السلام، والوئام، وحب الحياة، وممارستها بكل جمالها ومتعها ولذاتها، واضمحلال بيئة الظلام والعفن، بيئة الكراهية والجهل، والانغلاق، وكره الحياة ومتعها، بيئة الفقر والتخلّف، والتشدّد والتزمت، وكل ذلك من خلال الفهم الصحيح لديننا العظيم، ومقاصده السامية النبيلة، وأن تقود بلادنا، أرض الحرمين، ومهبط الوحي، ومنبع العروبة والدين الإسلامي السمح الحنيف، أن تقود ذلك، بكل ما تحمله من شرعية راسخة، وثقل ديني متجذّر أصيل، وسياسي وثقافي، واقتصادي، وعسكري، وأمني، واجتماعي.. ثقل مادي وازن، ومعنوي وارف.. وذلك كله يفسر معاداة قوى الشر لنا، واستهدافها لقيادتنا، وبلادنا، وإرادتنا السامقة، ورؤيتنا المستقبلية الطموحة، التي لا يحدها إلا عنان السماء.
ونحن حين نتحدث عن قوى الشر والإرهاب فنعني بها تحديداً تيارات الإسلام السياسي وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين - الذي اخترقنا حتى العظم لعشرات السنين- وحليفه وشريكه نظام عمائم الرجعية والظلام في طهران، والذين يعيشون على الكراهية والبؤس، وينتعشون في بيئة التخلّف والجهل والتزمت والانغلاق والظلام؛ لذا تجدهم أخشى ما يخشونه أن ينتشر الوعي، وتزدهر الحياة، ويعم السلام، والانفتاح.. وفهم الإسلام فهماً حقيقياً، أصيلاً، بسيطاً، خالياً من الأفهام السقيمة، والعقول والتفسيرات المريضة.. فهم الإسلام كدين علم ومحبة وسلام وخير للبشرية جمعاء، جمعاء.. وليس لفئة دون أخرى، أو ليحتكر فهمه فئامٌ يسفهون ما سواهم ويجهلونهم، ويدعون العصمة لهم، والحق معهم دون سواهم.. وأن نعود للإسلام الحقيقي.. الإسلام البسيط.. الإسلام الوسطي المعتدل كما قال سمو سيدي ولي العهد المفدى، المجدِّد، محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله وحماها ونصره وأيَّده بتأييده.
الأمر الذي لم ولن يرضي قوى الشر والإرهاب في المنطقة، المتمثلة بتيارات الإسلام السياسي والتي انتفضت حين أعلنا مواجهتنا للإسلام السياسي، مدعية زوراً وكذباً أن بلادنا قامت في أساسها على الإسلام السياسي، وهذا محض هراء وتحريف، فبلادنا قامت على كلمة التوحيد والاعتدال، والمحبة والسلام، ونشر العلم الصحيح، ومكافحة الجهل، وحرب الظلام والتطرف والإرهاب، حماية للبلاد والعباد، وقياماً بمقاصد الدين، وإعزازاً للقيم العربية الأصيلة والقديمة، وتهيئة للمناخ المناسب للنهضة والعلم والحضارة، في وقت انتشر فيه الجهل والتخلّف، والقتل والدمار، والظلم، والأممية الشعوبية باسم الإسلام، والإسلام منه براء.
إن قوى الشر والإرهاب تعلم أن لا قبول لها في مجتمعاتنا المؤمنة الموحّدة، إلا أن تستخدم الفهم السقيم للإسلام، وتوظّف الدين بعد أن تحرف معانيه السامية، ومقاصده النبيلة، لخدمة أجندتها، وخلق شرعية مزعومة لها، باسم الدين، وباسم الله - تعالى الله عمَّا يقولون علواً كبيراً- وباسم «نصرة المستضعفين من المسلمين»، وهي في الحقيقة لا تقصد فعلاً المستضعفين المظلومين، بل تقصد جماعات وميليشيات مسلحة إرهابية تقاتل في دول هنا وهناك، وتنشر الإرهاب والدمار، ثم هي تكفِّر وتفسِّق من لا يتبعها، وتدعي أنه محارب لله ورسوله!
وحين أعلنت المملكة العربية السعودية حركتها التصحيحية للعودة إلى الإسلام الأصيل، الذي كان عليه آباؤنا وأجدادنا المجددون والمصححون الذين أسسوا لهذه الدولة المباركة قبل أكثر من 300 عام، وأعلنا كما أسلافنا، تنقيتنا للمفاهيم الدينية، وإعادتها لجذورها البهية.. صافية خالية من الشوائب والأسقام، معلنين حربنا على الإرهاب الإسلاموي المبتدع، الدخيل، المتستر بعباءة الدين، والدين منه براء، وفارس ذلك كله، وعرّابه سمو سيدي ولي العهد الأمين؛ قامت تنظيمات الإسلام السياسي كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.. وحركت أدواتها لمواجهة ذلك، وما إن فشلت؛ حتى مارست خططاً أكثر خبثاً ومكراً عبر اختراقات هنا وهناك، في محاولات لتوريطنا ووسمنا بما هو غريب عنا بالكلية.
إننا في المملكة العربية السعودية نسابق الزمن لتحقيق رؤيتنا 2030 القائمة على إصلاح اقتصادي وصناعي واجتماعي كبير، وانفتاح حقيقي يحلّق بنا إلى المكانة التي تستحقها بلادنا، ويستحقها هذا الشعب العظيم، لذا؛ فلن يتوانى العدو في استهدافنا واستهداف رؤيتنا وسياستنا وتوجهاتنا. وهناك العديد من الدروس المستفادة في «قضية» جمال خاشقجي، أو إن شئت فسمها «مؤامرة» و»اختراق»، ليس لي أن أُفصل فيه اليوم، لكني حتماً سأفعل -إن شاء المولى- في الوقت المناسب، بيد أن ما يمكنني قوله خلال هذه الفترة: أن انظر عزيزي القارئ الكريم.. من وقف معنا، وساندنا، وساند قيادتنا ورؤيتنا؟.. ومن أراد بنا سوءاً؟.. واستهدفنا واستهدف قيادتنا ورؤيتنا؟ تبرز في ذلك دول وقيادات وتنظيمات وشعوب.. وإن لم يكن من هذه الأزمة إلا أن أسقطت عن الأعداء آخر أوراق التوت؛ لكفى..
وأقول كما قال الأول:
جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها حمداً ولكن
عرفت بها عدوي من صديقي
إلى اللقاء.