فهد بن جليد
إنشاء اللجنة الوطنية للتغذية خطوة مهمة، اتخذها مجلس الوزراء الموقر, وهي تعكس اهتمام الدولة بصحة المواطن، والعمل على تحسين الحالة الغذائية والصحية في المملكة. هذا القرار الإيجابي يحمِّل هيئة الغذاء والدواء مسؤوليات جديدة في هذا الجانب، ويجعلنا نتساءل: هل تمتلك الأدوات اللازمة للقيام بهذه المهمة؟ أم أنها في حاجة إلى تعاون وتكاتف الجميع معها لإنجاح عملها، وخصوصًا أن باب الشراكات العلمية والتنفيذية لهذا المشروع المهم يتقاطع ويتداخل مع تخصص جهات رقابية وتشريعية عدة، بدءًا من تنظيمات المصانع الغذائية ومعايير الجودة بتغيير طرق التصنيع ومكونات الأغذية، مرورًا بضبط معايير وطرق التسويق الخادعة للأغذية غير المفيدة، وعدم الالتزام بضوابط بطاقة المكونات الغذائية, وصولاً إلى ثقافة الفرد والتأثير الإيجابي على سلوكه وقراره الشرائي؛ وهو ما يجعل الحاجة أكبر إلى جهد مضاعف للحصول على خطوات عملية على أرض الواقع لتغيير المشهد الغذائي والصحي، وتحسينه بالصورة التي نأملها، وتتناسب مع رؤيتنا الوطنية في التطلع إلى مجتمع حيوي وبيئة عامرة.
تقدُّم الأمم ورقيُّها يُقاسان اليوم بمعايير جديدة ومتنوعة، منها مسألة الثقافة الغذائية الصحية لدى المجتمعات بوصفها أحد تلك المعايير الجديدة لناحية التأثير على الصحة العامة للمجتمع، وتجنب أفراده الأمراض المزمنة.. وهو التحدي الجديد لحياة الإنسان؛ فالغذاء غير الصحي قد يعجِّل بشيخوخته مع قلة الحركة والنشاط، ويرهق الاقتصاد الوطني، وينهك الأسرة؛ فكلما كان غذاء المجتمع صحيًّا ومفيدًا أثَّر ذلك بشكل مباشر على صحة أفراده، وجوَّد من حياتهم، وهو الأمر الذي نأمله وننتظره من اللجنة الوطنية للتغذية؛ لتعمل على مسارين متوازيين: الأول (استشاري تثقيفي)، والآخر (تنفيذي عملي)، بالانسجام بين الخطوات التنفيذية والرقابية والتفتيشية التي تقوم بها جهات عدة، كالبلديات ووزارة التجارة، وكذلك ما تتوصل إليه اللجنة في دراساتها العلمية وبحثوها الاستشارية.
(ضَبْط المشهد وتجويده وتحسينه أكثر من التصنيع إلى الاستهلاك)، و(تغيير السلوك الغذائي للأجيال السعودية الجديدة واختياراتهم الغذائية)، هما - برأيي - معايير نجاح عمل هذه اللجنة؛ فلا شيء آخر أهم من هذه النتيجة والمعادلة.
وعلى دروب الخير نلتقي.