سمر المقرن
طرحت سؤالاً عبر حسابي في تويتر، يقول: (لو لم تكن الغيرة السلبية موجودة في نفوس البشر.. كيف ستكون حياتنا؟) وقد وصلتني عشرات الأجوبة على هذا السؤال تجدونها هناك، ولا بد من إيضاح ما أقصده من الغيرة السلبية إذا ما اتفقنا على أن الغيرة الإيجابية هي التي تنفع ولا تضر، وهي أداة للدعم الذاتي والتقدم وإحراز النجاحات. وإذا ما قلنا عنها في العلاقات الإنسانية وبين الزوجين أنها هي التي تُشعل المشاعر وتوقدها طالما لم تدخل في منطقة التملّك المحظورة التي تُفسد العلاقات بل وتنهيها!
جميل جداً ذلك الشعور الذي عشته وأنا أتخيل هذه الحياة ولم تُخلق فيها الغيرة السلبية، لن يكون هناك أي مشاكل تصادف البشر وستكون الحياة وردية ليست بعيدة عن مدينة أفلاطون الفاضلة، لن يكون هناك حسد ولن يحفر شخص فاشل في العمل على زميله الناجح، وسيأخذ كلٌ حقه وتنمو العدالة بين البشر. لن تفسد مشاريعك ولا طموحاتك ولن تتعثر أحلامك بمن يحاول وأدها لأنه يغار منك، ولن تبحث عمن يضرك من خلف ظهرك وأنت (قد) لا تعرفه لكنك تعرف جيداً حجم الضرر الذي يلحقك من بين يديه. ستمتلئ الحياة بأجمل أشكال التنافس الشريف وسيكون السعي للتفوق حق متاح للجميع لا يمنعه حسد ولن تفشله الغيرة!
ستنتشر المحبة ولن تجد من يحسدك على حياتك ولا على أموالك ولا على صحتك وعافيك -حتى- التي صارت مجالاً تحسدك عليها النفوس المريضة، لن تكون هناك نفوس مريضة ستكون النفوس كلّها صحيّة والقلوب مشرقة والإيمان في أعلى درجاته. لن تفسد الحياة بين الأزواج ولا بين الأصدقاء ولن تتجاوز الغيرة بينهم إلى المناطق التي تفسد وتنهي العلاقات.
المشاعر المصحوبة بالغيرة السلبية هي مشاعر بشعة جداً، لو أدرك صاحبها حجم بشاعتها في داخله وعلى سلوكياته وحياته، وتأمل قليلاً في دوافعه لإيذاء غيره بلا أي سبب سوى الغيرة والحسد، لوجد نفسه وقد كره هذا الداء ولبحث بأقصى سرعة عن الدواء الذي يُطهره من هذا البلاء.
الحياة جميلة جداً، وتتسع للجميع، ولن يأخذ أحد مكانك طالما أنك تستحقه بجدارتك لا بحسدك وحروبك ودسائسك!