خالد بن حمد المالك
قبل أن يصل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الأرجنتين للمشاركة في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية، وفي ظل الحملة الإعلامية المعادية للمملكة التي تقودها تركيا وقطر، كان الأمير قد رافق خادم الحرمين الشريفين إلى كل من مناطق القصيم وحائل وتبوك والجوف والحدود الشمالية، ورأينا في هذه الجولة المحلية حجم الترحيب الشعبي بسموه، وكيف كان المواطنون يستقبلون الأمير الشاب بكل هذه المحبة والتأييد والمساندة، بما يَردُّ على كل ما قيل عنه ظلماً ضمن تداعيات مقتل جمال خاشقجي.
* *
ويمثل تلك المشاهد التي رآها العالم عن وقوف المواطنين السعوديين إلى جانب سموه، وكأنهم يبايعونه من جديد ولياً للعهد، فقد كانت الزيارات التي قام بها لكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين ثم جمهورية مصرية العربية، وتلك الحفاوة غير العادية ترحيباً بزياراته بمنزلة الرد القوي على هذا التجني الإعلامي الرخيص على مقامه الكريم، والتأكيد على وقوف هذه الدول إلى جانب المملكة وملكها وولي عهده ضد هذه الحملة الإعلامية غير المبررة.
* *
أقصد أن ولي العهد وهو يشارك في هذه القمة المهمة إلى جانب دول العالم الكبرى اقتصاديًا كدولة عربية وحيدة في هذا التجمع الدولي، إنما يأتي إلى العاصمة الأرجنتينية دون أن يلقي بالاً لتسييس مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، واثقاً من أن القضاء السعودي سوف يعالج المشكلة بما عُرف عنه من نزاهة وعدل واستقلالية، ودون أن تترك هذه الحملة الإعلامية أي أثر سلبي في المسيرة القوية التي تمر بها المملكة في كل مجال يقودها لأن تكون في الموقع الذي تستحقه بين أكبر دول العالم.
* *
وحضور المملكة في شخص ولي العهد إلى جانب كبار قادة العالم، وإن حاولت القوى المعادية أن تسبق انعقاده بالتأثير على الموقف السعودي، من خلال توظيف قضية مقتل المواطن السعودي، وتسييس القضية بما يخدم أهدافها العدوانية، إلا أنها فشلت، حيث شكَّلت مشاركة الأمير شخصياً على رأس وفد مهم ضربةً موجعةً لمن اعتقدوا ومنُّوا أنفسهم بأن التمثيل سيكون بمستوى متواضع بسبب الحملة الإعلامية الظالمة التي سبقت انعقاد المؤتمر بما يقارب الشهرين ولا زالت.
* *
إن حضور المملكة وتمثيلها على مستوى ولي العهد، لا يمثل هزيمة لكل من تحامل على المملكة، ووجه لها سهام حقده وكراهيته فحسب، وإنما هذا الحضور بهذا التمثيل العالي هو ضرورة لخدمة الاقتصاد العالمي، فالمشاركة مع غياب المملكة، أو تمثيلها بمستوى أقل لا ينسجم مع الدور السعودي المهم في المشاركة بقيادة اقتصاديات العالم، ولا يخدم الأهداف المهمة التي يقودها هذا التجمع الاقتصادي العالمي، لهذا جاءت مشاركة المملكة وبهذا المستوى العالي ليشكِّل ذلك صفعةً لكل من راهن أو منَّى نفسه بأن الأمر لن يكون كذلك.