يُقال حَمقت السوق إذا كسدت ومنها جاءت مفردة “أحمق” أي كاسدٌ عقله فكيف يؤخذ منه رأيٌ ومشورة؟
هذا فيما يخص الحماقة لغةً لكن كيف نقيّم شخص ما بأنه أحمق؟
فالصفة باتت دارجة ويطلقها أحدهم على من يخالفه الرأي، أو يشذ عن قاعدة ابتكرتها الجماعة.
نعرف أيضًا أن الحماقة صفاقة لكن من هو المخول بتقييم تلك الصفاقة؟
وما هي المعايير التي يقاس بناءً عليها معدل هذا الحُمق؟
هُناك مثلٌ إنجليزي شهير يقول: don›t make stupid people more famous
أي لا تجعلوا من الحمقى مشاهير، أصبحت تلك العبارة سائدة ورائجة في العالم تُطلق على كل من اشتهر وذاع صيته في وسائل التواصل الحديثة
خاصةً دون محتوى هادف يقدمه، فما هو المحتوى الهادف؟
من زاويتي قد أضع معاييرًا خاصة بي وما يخالف معياري سأعتبره محتوىً تافها لا فائدةَ منه،
فيما يرى غيري أن كل ما يرسم البسمة على وجهه هادفًا. فالكوميديا بحد ذاتها مهما بلغت درجة الإسفاف فيها تحمل رسالة في نظر البعض،
إذًا لا يوجد معيار ثابت للتقييم طالما “الجمهور عاوز كده”، وبناءً عليه قد لا يجدر بنا وصفهم بالحمقى فيما اتفق عليهم الأغلبية، فهل سنُلبس الحماقة لمن يؤيدهم أيضًا؟
قيل الكثير في وصف الحمقى، فقد رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : “الأحمق إن استنبه بجميل غفل، وإن استنزل عن حسن نزل، وإن حمل على جهل جهل، وإن حدث كذب، لا يفقه، وإن فـُقـّه لا يتفقه “
ومنها ما قاله الجاحظ: “تعرف حماقة الرجل في ثلاث: في كلامه في ما لا يعنيه، وجوابه عما لا يسأل عنه، وتهوره في الأمور”
أما مارك توين فقد تماهى في تعميم الحُمق وأراه بالغ كثيرًا حين قال: “قد يكون المرء وحده أحمقَ في بعض الأحيان، و لكن لا حماقة تغلب العمل الجماعي”
إن أخذنا بهذه الروايات وغيرها في وصف الحماقة وتأملنا في أطباع البشر السائدة وما ينتشر من كذبٍ ونفاق واقتحامٍ للخصوصيات
وتفيقه فيما لا يفقهون فيه، والتضخم من كثرة المديح والكثير مما وصف بالحماقة، فهل سنكون كُلنا حَمقى؟
** **
- حنان القعود
@hananauthor