«الجزيرة» - سالم اليامي:
في الوقت الذي انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين 2018م في العاصمة الأرجنتينية أمس، بمشاركة سعودية رسمية عالية المستوى حيث يترأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وفد المملكة، فقد تمحورت آراء المختصين والخبراء الاقتصاديين في حديثهم لـ «الجزيرة» حول الدور السعودي القوي والمؤثر على الصعيدين التنموي والاقتصادي العالمي، إضافة إلى أبرز القضايا المطروحة على طاولة قادة (G20)، وعلى رأسها الحرب التجارية المستعرة عالميا، واستدامة النمو، وسبل دعم الاستقرار المالي العالمي في مواجهة الأزمات، ومستقبل العمل والبنية التحتية للتنمية والمستقبل الغذائي المستدام.
قطاع الأعمال وقرارات القمة
وقال الاقتصادي فضل البوعينين: إن المملكة تعتبر عضوا مهم وفاعلا في مجموعة العشرين، خاصة أنها أحد أهم الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي عطفا على مركزها المحوري في قطاع إنتاج النفط؛ حيث تنتج ما يقرب من 13 في المئة من الإنتاج العالمي ما يجعلها في المرتبة الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الأميركية، كما أنها تحتل المرتبة الأولى عالميا في الصادرات النفطية، وكونها الدولة الأكثر مسؤولية في المحافظة على استقرار السوق واستدامة التدفقات النفطية لدول العالم وبما يضمن استدامة النمو العالمي.
ومن جهة أخرى يحتل الاقتصاد السعودي المرتبة 16 عالمياً، وتلعب المملكة دوراً نشطاً في مجموعة العشرين ولعلي أذكر بدورها الرائد في المساهمة في خفض انعكاسات الأزمة العالمية 2008 من خلال محافظتها على استقرار أسواق النفط وبما يدعم نمو الاقتصادات العالمية.
وأضاف : كما أن دور المملكة في المساهمة بوضع سياسات الاستقرار المالي كان بارزا بعيد الأزمة المالية العالمية. ومن جهة أخرى فتعمل المملكة بجد لتحقيق توصيات مجموعة العشرين في جميع الجوانب؛ ومنها ما يتعلق بالشباب والمنشات الصغيرة وتمكين المرأة وغيره وهي أمور تولت المملكة تنفيذها بالتناغم مع توصيات مجموعة العشرين، مشيرا إلى أن رؤية المملكة 2030 جاءت متوافقة مع أهداف مجموعة العشرين، المحققة لأهداف التنمية المستدامة.
وحول أبرز الملفات التي تتناولها القمة قال فضل البوعينين : إن من أهم الملفات المدرجة أمام القادة هي مستقبل العمل والبنية التحتية للتنمية والمستقبل الغذائي المستدام، ويهدف من خلال مناقشة هذه القضايا التوصل لتفاهمات تسهم برفع نسب النمو وتحريك عجلة الاقتصاد العالمي، ومعالجة المشكلات من خلال برامج محددة وملزمة للأعضاء.
وأبدى الاقتصادي فضل البوعينين اعتقاده بأن قطاع الأعمال يحتاج إلى جهد أكبر للتفاعل مع ما يصدر عن المجلس والاعتماد عليها لإجراء الإصلاحات المطلوبة أو تبني السياسات التي يفترض أن تحمي القطاع وتزيد من تنافسيته وتنأى به عن المخاطر، حيث ما زال قطاع الأعمال بعيدا عما يدور في أروقة مجموعة العشرين، ولَم يبادر بعد في تبني السياسات الصادرة عن المجموعة، واستثني القطاع المصرفي الذي التزم بشكل كلي بكل ما له علاقة بالاستقرار المالي وخفض المخاطر، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا مؤسسة النقد التي ألزمت البنوك بتطبيق كل ما يصدر عن المجموعة في الشأن المالي لضمان استقرار القطاع والنأي به عن الأزمات.
وفِي هذا العام يعتبر قطاع الأعمال من أكثر المنكشفين على القرارات المتوقع اتخاذها من المجلس. وبخاصة ملف الوظائف والاكتفاء الذاتي في قطاع الأغذية بأنواعها.
وقال البوعينين : اعتقد أن الخلافات التجارية والحمائية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الصين وأوروبا ستفرض نفسها على مناقشات القمة وان لم تكن من جدول الأعمال خاصة مع وجود رئيس أميركا والصين والاتحاد الأوربي وفرنسا وألمانيا المعنيين بالحروب التجارية. ومن المتوقع أن تسحب السياسة البساط من الاقتصاد في قمة العشرين على الرغم من طبيعتها الاقتصادية؛ إلا أن تواجد زعماء الدول الكبرى سيفتح باب اللقاءات السياسية لمعالجة الكثير من الملفات العالقة. وأضاف : أما ملف النفط فسيكون مؤثرا لانعكاساته على النمو العالمي، وبالتالي اعتقد أن ملف النفط سيكون من بين الملفات الأكثر أهمية والتي ستتم مناقشتها في اللقاءات الجانبية وسيكون الأمير محمد محورا لها لما تمثله المملكة من ركيزة في إنتاج النفط وتأثيرها على اقتصاديات العالم، إضافة إلى انه من الملفات التي يعنى بها ولي العهد.
النفط والتجارة البينية
من جهته يرى المختص الاقتصادي محمد العنقري أنه يمكن تسمية القمة بـ «القمة الملتهبة» بسبب الأجواء المشحونة بين الدول الكبرى مع تصاعد الحرب التجارية، إضافة إلى تحدي الحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي، بسبب التباطؤ الملحوظ حالياً فيه لأن القمم السابقة أقرت إضافة 2 في المئة بنمو الاقتصاد العالمي فوق المعدلات التي كانت متوقعة لكن ذلك لم يتحقق.
وقال الاقتصادي محمد العنقري : إن القمة تناقش برامج التنمية والبنية التحتية وتطويرها واستدامة الغذاء وسوق العمل وهي كلها ملفات من صميم خطة دعم الاقتصاد العالمي، أما الأجندة الخاصة فهي اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي والصيني لحلحلة الحرب التجارية بينهما.
وأشار العنقري إلى أن دور المملكة هو دور رئيسي ومؤثر في دعم نمو الاقتصاد العالمي من خلال إمدادات سوق النفط والحفاظ عليها، بالإضافة إلى دورها من خلال رؤية 2030 في رفع مستوى التبادل التجاري بينها وبين دول العالم ورفع الاستثمارات، حيث تستورد المملكة بأكثر من 500 مليار ريال سنوياً وهذا يصب في دعم الحركة التجارية العالمية.
دور المملكة في استقرار الأسواق
من جانبه قال الكاتب والمحلل الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري إن رئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس كأحد الأعضاء البارزين والمؤثرين في المجموعة يعد استحقاقاً عالمياً عكسته الأرقام الاقتصادية المُحققة على ارض الواقع، معتبرا ذلك أحد أهم المكتسبات التي تؤشر إلى دور ومكانة المملكة الرائدة ومنهجها الراسخ نحو الدفع قُدماً بأطر التعاون الاقتصادي إقليمياً وعربياً وعالمياً، كما أنها في ذات الوقت تعكس اهتمامه - حفظه الله - ودعمه المتواصل لبرامج الاقتصاد السعودي على الصعيد الخارجي وصولاً إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في مختلف اتجاهاتها ومكوناتها الكلية، وهو ما عكسته أرقام المؤشرات الاقتصادية العالمية المُحققة على ارض الواقع، كما أن اقتصاد المملكة الحديث يواصل ازدهاره ونموه المتسارع وبالتالي بات ذا تأثير وحضور وأهمية كبرى في اقتصاديات العالم، حيث تحتل المملكة المرتبة 17 بين اقتصاديات دول مجموعة العشرين G20 من حيث الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2017 بـ684 مليار دولار أي ما يعادل 2.564 تريليون ريال ، وأوضح أنه ووفقا لتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فإن المملكة تحتل المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين (G20) من حيث الاحتياطيات الأجنبية بـ 507.2 مليار دولار (1.9 تريليون ريال).