نجيب الخنيزي
من المتوقع انعقاد قمة العشرين في 30 من شهر نوفمبر الجاري في الأرجنتين، والمقرر أن تتواصل فعالياتها على مدى يومين.
يُذكر أن مجموعة العشرين تضم أكبر اقتصاديات العالم حيث يشكلون 85% من إجمالي الناتج في العالم، وثلثي سكانه و75 في المئة من تجارته الدولية و80 في المئة من الاستثمارات العالمية.
وتشارك المملكة في تلك الاجتماعات بقوة من خلال وفد رفيع المستوى يتقدمهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتطلع إلى الدفع بالاقتصاد السعودي نحو آفاق ودينامية أكبر وأوسع، مستندًا في ذلك إلى برنامجه للإصلاح الاقتصادي المتمثل في رؤية المملكة 2030.
ومع أن الاقتصاد السعودي يحتل المرتبة 17 في مجموعة العشرين غير أنه يحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث حجم الاحتياط النقدي الأجنبي والذي يقدر بـ 507 مليار دولار (1.9 تريليون ريال) تعادل 6.4% من إجمالي الـ 19 دولة.
في حين تتصدر الصين دول مجموعة العشرين باحتياطيات أجنبية تبلغ 3.05 تريليون دولار تمثل 38.7 %، ثم اليابان بـ 1.25 تريليون دولار (15.9 %).
تعقد هذه الاجتماعات في ظل غياب اليقين حول واقع ومستقبل الاقتصاد العالمي، في ظل استعار الحروب التجارية الشرسة بين الولايات المتحدة والكتل الاقتصادية والدول الرأسمالية المتطورة والصاعدة في الآن معًا، نذكر من بينها الصين ودول الاتحاد الأوربي وغيرها من جهة، ناهيك عن استمرار مفاعيل وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية الخطيرة التي تفجرت في عام 2008 من جهة أخرى.
خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية خسرت البورصة الأمريكية أكثر من تريليون دولار دفعة واحدة لتفقد كل المكاسب التي تحققت طوال العام الحالي، وهو ما يعكس بوادر ضعف أقوى اقتصاد في العالم، كما يحذر العديد من الخبراء من ركود اقتصادي وشيك بفعل استمرار الحروب التجارية المتواصلة بين الولايات المتحدة وكثير من الدول وفي مقدمتها الصين.
ووفقًا للبيانات المنشورة فإن شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى في الولايات المتحدة وهي «آبل» و»فيسبوك» و»نتفليكس» و»أمازون» و»ألفابيت» المالكة لشركة «غوغل» فضلاً عن «مايكروسوفت»، تقود بورصة نيويورك للأوراق المالية إلى اتجاه هابط لم يتوقف منذ أسابيع.
في حين واصل مؤشرا «داو جونز» و»ستاندرد آند بور» تراجعهما في بورصة «وول ستريت»، وانخفضت بورصة «ناسداك» للتعاملات الإليكترونية.
وقد سبق أن توقع «مايكل ويلسون» الخبير في مؤسسة «مورغان ستانلي» مزيدًا من الأخبار السيئة، مشيرًا إلى أن الانهيار امتد إلى شركات التجزئة، كما لحقت الخسائر بشركات الطاقة مثل «إكسون موبيل» و»شيفرون» في ظل تراجع أسعار البترول بشكل متسارع ووصول سعر البرميل إلى أقل من 58 دولارًا من خام «برنت» القياسي.
المحافظ السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي (الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد) «آلان غرينسبان»، أشار في حديث تليفزيوني إلى أن علامات الركود التضخمي تلوح في أفق الاقتصاد الأمريكي ما يعني استمرار معدلات التضخم في الصعود مع زيادة معدلات البطالة وركود الطلب. وقال إن علامات القوة في أكبر اقتصاد في العالم تخفي تحتها قدرًا من علامات التآكل التي ستحد من التقدم الحالي، وأن الأمر يحتاج إلى حل مشكلة العجز في الميزانية، محذرًا من عدم القيام بخطوات واقعية لحل العجز في الميزانية الذي يزيد بمعدل تريليون دولار كل عام بسبب زيادة النفقات وخفض الضرائب مما يحول دون تمويل هذا العجز.
وفي حين أكد غرينسبان أن الركود الاقتصادي قادم في وقت ما دون تحديد سقف زمني له، توقع الملياردير الأمريكي «ستيف كوهين» أن يحدث الركود بين عام وعامين من الآن، في حين ذكر آخرون بأن الركود يحدث عادة كل دورة مدتها عشر سنوات.
يتعين التوقف هنا إلى دلالات زيادة حدة التوتر بين واشنطن وبكين، والذي انعكس على أكبر تجمع اقتصادي عالمي هي منظمة «أبيك» للتعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (الباسيفيكي) التي انتهت مؤخرًا ولم يصدر عنها بيان مشترك لأول مرة في تاريخ المنظمة.
التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: هل نحن فعلاً بصدد تكرار الأزمات الدورية (ركود - انتعاش - ركود) المعتادة للرأسمالية، والتي سرعان ما تتجاوزها من خلال قدرتها على التكيف بما في ذلك تقديم التنازلات إزاء قوة العمل، وهذا ما حصل مع الأزمات الدورية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، أم أننا سنتعايش مع طور بنيوي جديد في هذه الأزمة (في مطلع القرن الواحد والعشرين) الراهنة التي تمثلها الليبرالية الجديدة المعولمة، والتي تدفع بتحولها من أزمة دورية إلى أزمة هيكلية دائمة، لن تنفع أي حلول ترقيعية في مواجهتها؟ للحديث صلة.