فهد بن جليد
لا أعرف ما علاقة من يشتغلون بالإعلام باكتشاف عقاقير جديدة لمُحاربة الشيخوخة للأبد, ومراهم القضاء على الصلع, لذا لا أحبذ دعوات شركات الأدوية لحضور مناسباتهم, ولكنَّني وقعت مؤخراً ضحية إحدى الدعوات, بحكم أنَّ السفرة بنظام (م م) أي محفول مكفول, ومن باب التجربة لعلِّي أُغير قناعاتي بأنَّ الإعلام يجب أن ينأى بنفسه عن الترويج لمثل هذه الشركات -إلا كمواد إعلانية صريحة- فبرأيي هناك خطأ وتجني من بعض الإعلاميين بكتابة ونشر أخبار أو تعليقات إعلامية عن الأدوية والاكتشافات الطبية التجارية, فهذا يعني زيادة لأرباح هؤلاء على حساب آمال الناس وبحثهم عن الشفاء أو حياة أفضل وأكثر صحة, فلا مصداقية هنا لعدم تخصص الجميع بإجازة نشر وبث مثل هذه الأخبار للمُتلقي الذي منحنا الثقة, وهنا نُصبح كمن روَّج (للمُداوي) قديماً الذي يحمل (عشبه واحدة) لعلاج كل الأمراض, ويعتقد الناس قديماً بأنَّهم تشافوا بسببها, بينما هي مُجرَّد مُنكهات أو مُعطرات للطعام أو الشراب يجلبها من الجبال.
في هذه المناسبة حاول بعض الأطباء العرب من (تُجَّار الأدوية) الاحتفاء بي بشكل خاص أكثر (كمُسوِّق جديد) محتمل, وجعلوني بينهم على الطاولة الرئيسة للعشاء, الحديث في معظمه كان عن أبحاث واكتشافات طبية وعلاجية مُرتقبة, وعن أخبار سوق الأدوية العربي ومُستقبله وتحدياته, لفت انتباهي خلالها قول أحدهم (هم شغالين الأيام دي على احتمالية أسباب جديدة للفايروس, واحنا مُمكن نعمل معاهم ديل حلو يكسَّب ذهب لعشر سنوات قدام, بس يا مُسهِّل يشدُّوا حيلهم شويَّ), مثل هذه الأحاديث تزيد من قناعتي (الشخصية) بأنَّ هناك تجَّارًا في المعامل ومراكز الأبحاث العالمية بمعاطف بيضاء, وأنَّ مُعظم العقاقير والأدوية والمُسميات التجارية على أرفُف الصيدليات هي (صفقات تجارية) كبيرة, شبيهة (بعشبة) المداوي أعلاه.
حرب الدراسات النظرية (غير العلاجية) هي الأخرى شبيهة بالحرب الاقتصادية في (معامل وأبحاث) الأدوية العلاجية, بين يدي دراسة حديثة تقول إنَّ كثرة النسيان علامة الذكاء الشديد, وقبل أيام قرأت عن خطر النسيان كعلامة لفقدان الذاكرة والخرف المُبكر وكلها تصدر عن جهات علمية عالمية؟ يا رب اشفِ كل مريض, ولا تكلنا إلى أنفسنا و(شركات الأدوية)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.