موضي الزهراني
يختلف التكيف مع الضغوط من شخص لآخر، وتختلف بذلك النتائج المترتبة على ذلك التكيف من شخصية لأخرى! فهناك شخصية مثلاً قد تستقبل خبر وفاة عزيز على قلبها، أو مرضه، أو تعرضه لحادث بإيمان قوي وتحملّ ورضى بقضاء الله وقدره، يختلف عن شخصية أخرى قد تتعرض للانهيار والتعرض لأمراض عضوية أو لأزمات نفسية لاحقة لها تأثير سلبي في تعاملها مع المواقف المختلفة التي تواجهها مستقبلاً في حياتها! وتُسهم بشكل سلبي في ثباتها النفسي والسلوكي، خاصة عندما يُهمل الكثير أهمية العلاج النفسي السلوكي وهم راشدون وناضجون، أوهناك الفئة الأكثر خطورة «الأطفال» الذين يتم إهمالهم من الأسرة «غير الواعية» وقت حدوث الصدمة، حتى تتطور حالته لسلوك عدواني مرضي لايمكن تداركه بسهولة! فالحوادث والصدمات كثيرة منها ما هو طبيعي مثل الكوارث الطبيعية والحروب وما تسببه من فقدان وضياع وتشرد، وحوادث المواصلات، والأمراض الوبائية، والكوارث، أو الصدمات البشرية وهذه صنفتها الدراسات النفسية بأنها أشد وقعاً على النفس البشرية من الطبيعية! كمثل: العنف داخل المنازل ومن أقرب الناس لتلك النفس المتعرضة للأذى، والخيانة داخل المحيط العائلي، أو الاعتداء الجنسي على الأطفال، وأيضاً زواج القاصرات وما ينتج عنه من آثار نفسية وجسدية تُشكل صدمة لاتنسى لهن! ومن النماذج المؤلمة للصدمات التي يتعرض لها الأطفال أيضاً ذلك التهديد بالفقد والحرمان وهم يعانون من اليُتمّ أو انفصال والديهم أو عدم معرفتهم لهويتهم الاجتماعية وهم محتضنون داخل أُسرّ لسنوات طويلة! فهذه الضغوط جميعها لاتمر مرور الكرام على تشكيل شخصية سويّة خاصة عندما تحدث تلك الضغوط خلال المراحل العمرية المبكرة، فينشأ عنها ما يسمى « اضطرابات الضغوط التالية للصدمة « التي منها المخاوف المرضية والاكتئاب، والأزمات العصبية، والسلوكيات المرضية، وفي المراحل المتقدمة « مع الإهمال الأسري والحرمان العاطفي « يتم اللجوء لاشعورياً للعقاقير المدمنة بحجة الهروب من الواقع بسبب عدم القدرة على مواجهته! والميل للانتحار، والهروب من الأسرة، وقد يقع ذلك المصدوم أيضاً في دائرة إعادة «السلوك الجنسي المرضي» لاشعورياً إما بسبب الرغبة في الانتقام أو التعويض العاطفي! ولأن أساليب مواجهة الضغوط تختلف تبعاً لاختلاف المرحلة العمرية والجنس ومستوى البيئة الاجتماعية والمادية، فإن وزارة الصحة لابد أن تهتم بتطوير البرامج النفسية العلجية، ومحتوى المبادرات الصحية التي تظهر لنا على السطح الإعلامي مابين فترة وأخرى من أجل مجتمع صحي نفسياً، وأن تساهم تلك المبادرات في إعداد برامج مهنية احترافية ذات أهداف أكثر عمقاً من البرامج التوعوية المطروحة حالياً التي لا تركز إلا على الأمراض العضوية فقط!