إبراهيم عبدالله العمار
ذات يوم في أوائل الستينات الميلادية، دخل نورمان كوزنز بيته وقد أثقله الغم. لقد أصيبَ بالتهاب الفقار المقسط (مرض مزمن يصيب المفاصل بالالتهاب ويُضعِف المناعة، أحياناً يمكن تخفيفه بالدواء والرياضة، وإذا اشتد دمَّر المناعة والمفاصل تدريجياً). وهذا الأخير هو ما أصاب نورمان، لدرجة أنه من شدته جعل الأطباء يجزمون له بوفاة قريبة في أشهر. وهذا ما أحبط نورمان، لكنه فكر وقال: «الاستغراق في الإحباط لن يزيدني إلا سوءاً». اشترى أشرطة فكاهية ولم يعد له عمل إلا المشاهدة والضحك. بدأ نورمان يكتشف أن مجرد دقائق معدودة من الضحك جعلته ينام بشكلٍ أفضل لأنها صارت تعطيه ساعتين من النوم على الأقل لا يشعر فيها بألم. عندما استمر على هذا المنوال لم يتحسن فحسب بل شُفي تماماً!
إنه الضحك، من أفضل الأدوية الطبيعية. الضحك يقوي جهاز المناعة، يخفف أعراض الروماتيزم، يقلل ارتفاع ضغط الدم، يحسن قرحة المعدة، يخفف الأمراض الصدرية المزمنة، يحسّن التنفس، يقلل إفراز الكورتيزول (مادة يفرزها الجسم عند التوتر وتقليل إفرازها يخفف من آثار الضغط النفسي)، يقوي عضلات البطن، يزيد من الأجسام المضادة في اللعاب مما يخفف من الأمراض التنفسية التي تصيب الأنف والحنجرة والجيوب الأنفية، وغير ذلك. دراسة لباحثين في جامعة ميريلاند الأمريكية وجدت أن الضحك يفرز مواد توسع البطانة الداخلية للأوعية الدموية وتزيد من تدفق الدم، وهذا بدوره ينعكس إيجابياً على الدورة الدموية. الباحثون أنفسهم وجدوا أن تلك المواد نفسها لها تأثيرات أخرى، منها تقليل احتمالات الجلطة وتخفيف الالتهابات.
ليس هذا بل إن الضحك دواء فعال للألم. باحثون في كاليفورنيا وجدوا أن الضحك يحث الجسم على إفراز مادة الاندورفين مما يجعل الشخص يشعر بنوع من النشوة وفي الوقت نفسه فهذه المادة تخفف الألم أو تزيله، إضافة إلى شعور عام بالتحسن.
كل هذه الأعراض الطيبة شعر بها نورمان لما أخذ الضحك بيده وقاده بإذن الله نحو الشفاء. لا تستهن بالضحك، إنه من أقوى أسلحتك ضد الكآبة والأمراض!