رجاء العتيبي
إذا ما بحثت في تاريخ الرئيس الفرنسي (مانويل ماكرون) السياسي لا تجده شيئاً، كان موظف بنك، ثم مصرفيا سابقا، ثم مفتشا ماليا، ثم استثماريا في بنك روتشيلد أند شي، وفي انتقالات سريعة، انضم إلى الحزب الاشتراكي، ثم نائبا للأمين العام لرئاسة الجمهورية لدى الرئيس فرانسو أولاند، ثم وزيراً للاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي كل ذلك مدة قصيرة تصل لعشر سنوات.
سياسياً أسس حزب (الجمهورية إلى الأمام) في أبريل 2016، وبسرعة عجيبة أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017. وفاز في الانتخابات في 7 مايو 2017 بعد فوزه على ماري لوبن بنسبة 66.06 وتولى رسمياً في 14 مايو 2017 سلطاته الدستورية رئيساً للجمهورية الفرنسية.
وإذا أكلمت قراءة تاريخه العملي، تجده مجرد (سيرة ذاتية) بسيطة تشبه سيرة أي موظف في أي قطاع أعمال، لا مواقف ولا فكر ولا أحداث ولا عمق ولا تجربة ولا تاريخ ولا قرارات ولا علاقات ولا مؤلفات ولا قيادة، لا تعرف من أين أتى في دولة عريقة كفرنسا التي خرجت للعالم عظماء في السياسة والأدب والفكر والاقتصاد والفن والموضة والرياضة.
هذه السيرة الذاتية المتواضعة تعطي مؤشراً أن الذي أمامك لا يمكن أن ينجح في عالم السياسة، ويتأكد ذلك أكثر عندما نعرف وجهات نظره (المعقدة) حسب وصف الإعلام الفرنسي، وأنه يقول (مالا يفهم) ويملك الرأي الخطأ باستمرار، بدليل أعلن في 30 يونيو 2017 بأنه لن يتحدث في يوم الباستيل (الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي) مخالفاً بذلك تقليداً قائماً منذ مدة طويلة.
حتى إن عائلته رفضت قرار زواجه من معلمته (بريجيت ترونيو) التي تكبره بـ(24) سنة والتي ارتبط بها منذ كان عمره 18 سنة، وأرسله والداه إثر معرفتهم بعلاقته بها إلى باريس ليكمل دراسته الثانوية ويبعداه عنها، ولكنه أصر على علاقته بها حتى باتت معلمة اللغة الإنجليزية سيدة الإليزيه الأولى.
عليك أن تعرف كل ذلك عن هذا الرجل الذي اعتلى عرش فرنسا.
والاحتجاجات الكبيرة التي تزعمها أصحاب (السترات الصفر) الأسبوع الماضي ومطلع هذا الأسبوع ما كانت لتكون لو أن رئيس فرنسا شخصية قيادية كارزمية سياسية، أما أن يكون شخصاً ذا حضور (ضعيف) وآراء خاطئة باستمرار، فلا أظن أن الحال سينصلح مع سياسي غير مؤثر ولا يحظى بشعبية كافية، وكثير من ردوده تواجه رد فعل سلبي من الناشطين في قنوات التواصل الاجتماعي.
في قمة (G20) الأخيرة، ماذا كان يقول لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في اللقطة (العالمية) التي جمعتهما على هامش الأعمال، هل هو ينصح؟ يعاتب؟ يعتذر؟ لا نعلم بالضبط ولكن عليه أن يعرف حجم السعودية العظمى وأن يقف من قضية (خاشقجي) موقفاً عادلاً، عليه تجنب الأخطاء السياسية التي يقع فيها كثير من المبتدئين، وأن يعالج قضاياه الداخلية قبل أن يتوعد الدول المستقلة بالعقوبات.