ميسون أبو بكر
وأنا أقرأ خبر معرض بيروت للكتاب الذي لم تشارك فيه إلا ثماني دول منها إيران؛ تذكرت صباحات بيروت ولقاء الأدباء في شارع الحمراء والجامعات ومعرض الكتاب الذي كان وجهة الكتاب ودور النشر والمثقفين، ثم مقر إقامة المناسبات والندوات فهي صباحات تمتلئ بالحياة والثقافة ونكهة بيروت التي يعرفها جيدا من كان زائرًا سائحًا أو مشاركًا في إحدى فعالياتها الثقافية التي لم تكن في السابق لتهدأ أو تستكين.
لبيروت مواسم الثقافة وقوافل الأدباء وبوصلة عشاق الطبيعة وجمعة الأصدقاء، لها نكهة الورق أينما وليت وجهك والمهرجانات التي تنتشر على تضاريسها بين سهل وجبل ومدينة وضيعة وعلى مشارف البحر الذي يحدك يمينا وشمالا والطائرة تهبط بك على مدرج مطارها الذي لم تكن لتهدأ فيه حركة الملاحة الجوية من كثرة الزوار والعائدين من أهلها المنتشرين في أصقاع الدنيا، الذين هربوا في الماضي من الحرب الأهلية واليوم من تدهور وضع لبنان الاقتصادي وعدم استقرارها الأمني الذي يعبث به (حزب اللات) الذي جعل من بيروت ثكنة عسكرية إيرانية وبؤرة حربية لنوازع شيطانية.
بيروت التي لا تهدأ نار السياسة فيها والخلافات الداخلية التي يؤججها الحزب، رغم محاولات عدة من قادتها السياسيين لإصلاح الأوضاع إلا أن الدولة تبقى على فوهة بركان وقلق مصيري أججه مؤخرًا اكتشاف إسرائيل للأنفاق التي حفرها الحزب على حدودها.
إذا أردت أن ترى ماذا يجري في بيروت فافتح على إحدى قنواتها سواء الحيادي منها كقناة mtv أو القنوات المجيرة والممولة للحزب والتي تؤجج الصراعات وتكبر الفجوات ما بين لبنان وشقيقاتها من الدول، وستعلم ما تعانيه الدولة من مشاكل داخلية وأخرى بسبب التدخلات التي يحرج بها حليف إيران دولته.
البلاد خاوية من زوارها ومن أهلها الذين تشتتوا في بقاع الأرض فارين من الأزمات والفقر وبيروت لم تعد تحمل وجهها القديم، مدينة غريبة عن زوارها وعاشقيها، وها هو معرض الكتاب يحضر غريبًا في عاصمة الثقافة تاركا المثقف اللبناني منعزلا عن العالم الذي كان له باع طويل في رسم معالمه الثقافية.