«الجزيرة» - متابعة - محمد المنيف:
يعيش الفن التشكيلي السعودي في هذه المرحلة عصراً ذهبياً ثانياً بعد العصر الذهبي الأول في السبعينات مرحلة التأسيس والحضور المحلي والعربي والعالمي تحت إشراف الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
اليوم وبوجود العديد من القطاعات حق للفن التشكيلي أن يفخر بما يعد له ويرسم من خطط وبرامج تعتمد على إستراتيجيات تضمن له استمراريته نحو إكمال مسيرته الطويلة التي تجاوزت الستين عاماً، سنوات أفرزت العديد من الأجيال التي يتواصل تكاثرها إعداداً وتفوقها إبداعاً بخبرات معاصرة تنطلق من قيم ومبادئ البيئة المجتمعية واستلهام بيئتها الطبيعية، فأصبح للفنانين حضورهم العالمي وبهويتهم الوطنية.
مركز فن جميل حلقة إبداعية بين دبي والمملكة
كان لنا تغطية سابقة في هذه الصفحة لافتتاح مركز «فن جميل»الذي أنشأته مؤسسة فن جميل في الإمارات العربية المتحدة، حيث وجد مكانه المناسب الذي يليق به في حي جداف في دبي، حظي بحضور مشرف تقدمه الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي بحضور السيد فادي جميل وعدد من أعضاء مجلس إدارة مؤسسة محمد جميل للفنون، حيث أكد سموه أن دولة الإمارات تعمل من أجل تحقيق تقارب حقيقي بين الثقافات عبر تفعيل جسور تواصل حضارية أساسها الإبداع، وأن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تشكل أساساً لبناء وتعزيز الشراكات الإستراتيجية الفعالة المُعينة على تشجيع أصحاب الفكر المتميز وتحفيز الطاقات المبدعة في كل المجالات، نحو اكتشاف آفاق تنموية جديدة وتأكيد فرص الوصول إليها بل وتحقيق مكانة متقدمة فيها.
وأشار سموه إلى أهمية الإبداع في شتى قوالبه وأشكاله كمون رئيس من مكونات نشأة وتطور الحضارات على مر العصور، وعنصر أساسي من عناصر تقدم الشعوب ورقيها، بما يتطلبه ذلك من إيجاد البيئة الداعمة للمبدعين وإمدادها بكل المقومات التي تعزز جاذبيتها لأصحاب الفكر المبتكر والقدرات المتميزة ضمن مختلف مجالاته، وهو ما يتحقق على أرض الإمارات التي رسخت مكانتها كمحور رئيس للإبداع ونقطة التقاء للمبدعين في المنطقة.
وقال سموه: «تشكل الفنون جزءاً من النسيج الحضاري للشعوب وموروثها الثقافي، وهي تؤثر في المجتمعات وتسهم في تحقيق رقيها وتقدمها بخطاب يتجاوز حواجز اللغات، ويسهم في إيجاد مساحات مشتركة للتفاهم بين الناس على اختلاف أجناسهم وألسنتهم».
انطباعات ترصدها الجزيرة التشكيلية
الجزيرة التشكيلية رصدت تعليقات وتصريحات من عدد من المسؤولين والفنانين نبدأها بالدكتور الدكتور إبراهيم محمد باداوود المدير العام التنفيذي، مجتمع جميل، الذي بدت عليه مظاهر الفرحة والسعادة وهو يتنقل بين الحضور مرحباً..كان افتتاح مركز جميل للفنون في الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي جميلاً، حيث ساعد في جمع مختلف أطياف المجتمع وعمل على تحقيق أهداف المركز والذي يعتبر أول مؤسسة من نوعها في منطقة الخليج تسعى للمساهمة في إحداث تغيير إيجابي في المشهد المحلي من خلال تطوير الفنون والتراث والثقافة. وتستعد فن جميل إلى افتتاح حاضنة جديدة للأعمال الإبداعية في جدة بمسمى (حي: ملتقى الإبداع) والذي يعكس التزام فن جميل بتطوير الفنانين والمجتمعات الإبداعية وريادة الأعمال في السعودية.
من جانبه أشار د. خالد المالك الرئيس التنفيذي للعقارات في دبي القابضة إلى أن انطلاقة مركز جميل للفنون ووترفرونت في جداف إنجاز نوعي يتمثل في إضافة معلم حضاري للفن المعاصر وإتاحته للجميع كما توقع د. خالد أن المركز سيسهم في تعزيز الفنون في دبي.. مضيفاً بالقول: إنه في سنوات مضت كان عضواً في لجنة مراجعة مشروع مركز جميل للفنون واليوم يحدوه الفخر بان يكون شاهداً على افتتاح هذا المشروع الرائد.
ومن المملكة تحدث للصفحة د. محمد الرصيص متقدما بهذه المناسبة بالشكر للقائمين على مبادرات «فن جميل»، الراقية ومنها المبادرة في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، والآن نحتفل جميعاً بالمشروع الكبير في دبي. كما أهنئ شعوب دول مجلس التعاون وخاصة شعب الإمارات العربية المتحدة، على هذا الصرح الفني الثقافي الذي سيعمل دون شك على الرقي بالذائقة الفنية لدى الزوار والمتابعين لحركة وفعاليات الفنون البصرية المتنوعة. كما سوف يسمو برهافة الإحساس والمشاعر المحبة للخير والجمال والسلام بين الناس.
وفي الوقت ذاته كنت ولا أزال أرجو أن تنبع مثل هذه المشروعات الفنية والثقافية تحديداً من موطن أصحابها من رجال الأعمال، تعبيراً عن حبهم وعرفانهم لوطننا الغالي، وخاصة وأن مثل هذه المشروعات تصنف على أنها ذات نفع عام للمجتمع وغير ربحية. كما أن المدن الكبيرة في المملكة تتعطش إلى الكثير من المبادرات المماثلة لكثافة سكانها، واتساع رقعتها الجغرافية، وتنوع تراثها المحلي في المحافظات والمراكز الحضرية المحيطة بها.. إضافة إلى حاجة الشباب من الجنسين إلى الانخراط في الأعمال التطوعية، والوظيفية في مجالات الثقافة والفنون، سواء كانت إدارية بحتة، أو فنية وتنظيمية، ومن ناحية ثانية، أرجو من المسؤولين في وزارة الثقافة في المملكة، الانتباه إلى مثل هذه المشروعات، والاهتمام بها، وتشجيع أصحابها، وتسهيل إجراءات الترخيص لها، ونحو ذلك. وخاصة وأن المملكة تتجه نحو تنمية شاملة مدروسة وفق رؤية 2030.
كما تحدث للصفحة الدكتور صالح القاسم مستشار هيئة دبي للثقافة قائلاً: لا شك أن وجود هذا المركز وإنشاءه في دبي يمثل إضافة مهمة بالنسبة لنا في الإمارات الذي نشكر السادة مؤسسة جميل للفنون ممثلة في فادي جميل على اختيارهم دبي لتكون حضناً لهذا المركز في دبي فمشاركات الإخوة جميل معروفة خصوصاً في مجال المتاحف والفنون ونحن نتابع أنشطتهم بإعجاب ووجودهم في دبي وبما تلقوه من تسهيلات من حكومة دبي لهذا المركز ليكون معلماً ثقافية سياحياً للجميع في دولة الإمارات والمنطقة نحن نرحب بالجميع الإخوة الفنانين من الإمارات والمملكة وجميع فناني المنطقة، فالمركز يمثل جميع الفنانين في المنطقة دون تمييز.
الفنانة منيرة القديري من الكويت ابنة الفنانة ثريا قالت إنها تشعر أن المركز يشكل بقة ضوء أضاءت الساحة الفنية في الإمارات المتقدمة، لكننا نحتاج إلى إمكانات وفعاليات شبابية خصوا للفنانات ومركز مثل هذا المركز لفن جميل فهو بالفعل رائع وهائل؛ كنت أتمنى أن يكون لنا شيء بهذا المستوى في المنطقة، وقد تحققت الأمنية في مركز فن جميل؛ وأنا فخورة أن أشارك بمعرض بهذه المناسبة بمقتنيات سابقة من المركز لأعمالي.
ومن جانبه تحدث الفنان خليل عبدالواحد فنان تشكيلي إماراتي من منسوبي هيئة الثقافة في دبي. المركز يمكن الحديث عنه بالعديد من النواحي.. أولاً افتتاح المركز في دبي مهم جداً للمركز وللحراك الفني في الدولة.. ثانياً إضافة للحركة الثقافية والفنية في دبي كما أن التنوع في المركز هو ما يمكن أن يضيف جديداً للفن والفنانين والجمهور كونه مركزاً متخصصاً مع ما يتمتع به المركز من برامج وتكليفات كذلك موقع المركز الجميل وما أضفاه المهندس المعماري.
مؤسسة الفن الجميل ومبادراتها المتميزة
افتتاح مركز فن جميل في دبي يحقق إحدى المبادرات التي صرح بها السيد فادي محمد جميل، رئيس الفن جميل في صفحة المؤسسة في وقت سابق قائلاً: «يسعدنا بدء مرحلة جديدة من تطوير مؤسسة الفن جميل، والانطلاق في مسيرة تعزيز برامجنا في المملكة العربية السعودية والوطن العربي وجميع أنحاء العالم قاطبة، كما يسرّنا كذلك تشييد أول مركز دائم؛ (مركز الفن جميل في دبي).. بهذا التصريح نسعد باستحضار سيرة المؤسسة منذ تأسيسها في 2003 كجزء من مجتمع جميل، بدءاً بالشراكة مع متحف فيكتوريا عام 2003 بتجديد الصالة الإسلامية بلندن، وإطلاق جائزة جميل للعمل للفن الإسلامي، تلاها في 2010 إطلاق جائزة الفن جميل للتصوير الفوتوجرافي، التي تطورت لتصبح برنامجاً تعليمياً على مدار السنة، وقبلها تأسيس «بيت جميل للفنون» في القاهرة، وفي جدة مؤخراً، والذي بدأ بالتعاون مع مدرسة الأمير تشارلز للفنون التراثية، وأخيراً افتتاح منصة الفن جميل في منطقة السركال أفنيو بدبي قبيل افتتاح «مركز جميل للفنون»، شمل المعارض وورش العمل والفعاليات المختلفة، وهذه المنصة هي مقر المؤسسة حتى عام 2018،.
وعن برنامج التكليفات الفنية الذي أعلنت عنه المؤسسة مؤخراً بدبي، والذي يمتد لعدّة أعوام، تماشياً مع توجه المؤسسة بدعم الفنانين لإنتاج أعمال فنيّة جديدة سوف ينطلق بتكليف فني لعمل مجسمات فنية لعام 2018. تلك البرامج التكليفات الفنية مفتوحة أمام الفنانين من منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وتركيا والمقيمين، تشجيعاً للفنانين على بحث دور الضوء في البيئة الحضرية، وكشف الطرق التي استخدم فيها الفنانون والمعماريون الضوء في أعمالهم. وستقوم لجنة التحكيم العالمية باختيار ثلاثة فنانين ممن تقدموا بأفكارهم الفنية.. كما تدعو المؤسسة الفنانين إلى التفكير خارج المساحات التقليدية للمعارض باستخدام الواجهة الخارجية لمركز جميل للفنون كنقطة إلهام.
روافد العصر الذهبي للفن السعودي
وفي هذه المناسبة نشير إلى جهات أخرى أيضاً تشارك مؤسسة جميل للثقافة والفنون في صنع العصر الذهبي للفن التشكيلي السعودي ومنها مسك آرت المنبثقة من مؤسسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الخيرية التي تعد العديد من الفعاليات وانبثاق معهد مسك الذي يقوم على إيجاد جسور تواصل مع العالم في مجال الفنون منها متاحف وبيناليات أبرزها بينالي البندقية كما نشير هنا إلى ما تعده وزارة الثقافة من خطط ودراسات لإنجاح خطوتها القادمة خدمة لثقافة وفنون الوطن وفي نفس السياق ما يقوم به مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) وكذلك ما يعد في هيئة الثقافة من نظرة مستقبلية للثقافة والفنون ونختم جمعية الثقافة والفنون التي بدأت في تنفيذ برامج وفعاليات وتطوير في مهامها بتأسيسها معهد للثقافة والفنون سيكون له مردود كبير في مستقبل ثقافة وفنون الوطن.. بهذه الإنجازات يحق للفن التشكيلي أن يشعر ويستشرف مستقبله بأمان.