أ. د.عبد العزيز بن محمد الفيصل
شعب المملكة العربية السعودية يهنئ الملك سلمان بإتمام أربع سنوات في الحكم، هذه التهنئة والإشادة بنهج الملك سلمان في حكمه نسمعها في خطب الجمعة من أفواه أئمة المساجد، وفي مقدمة المنابر التي تدعو للملك سلمان بطول العمر وإلباسه ثوب الصحة، منبر المسجد الحرام ومنبر مسجد الرسول في المدينة ومنبر مسجد قباء وجميع المساجد في مملكة سلمان في حجازها وعسيرها وتهامتها في جيزان وجزر البحر الأحمر وفي نجران والأحساء والدمام وعرعر والجوف والقصيم وحائل وتبوك والرياض، الجامعات بأساتذتها وطلابها تهنئ سلمان، والمدارس بشبابها وأطفالها ومعلميها تهنئ سلمان، الكل يهنئ سلمان البادية في صحرائها والحاضرة في مدنها وقراها تهنئ سلمان، الملك سلمان ملك يستحق من شعبه الوفاء فالملك يهتم بسكن المواطن وبمعيشة المواطن وبتعليم المواطن وبصحة المواطن، أما الأمن فهو في قمة اهتمام الملك، ولذلك ساد الأمن في المملكة العربية السعودية فالجرائم محدودة والسرقات لا تتجاوز الأفراد فالأسواق آمنة والطرق تحت نظر رجال الأمن ومسالك البحر مرصودة ومراقبة، والمطارات والموانئ من آمن مطارات وموانئ العالم، إن الأمن لا يتوافر للمواطن بسهولة وإنما يتوافر إذا جعله الملك تحت نظره وفي قمة اهتمامه، وهذا هو ما عمله الملك سلمان، فكل أمر يمكن التراخي فيه إلا الأمن ومن هذا المنطلق ثبت الأمن وأصبح المواطن آمناً في بيته آمناً في طريقه.
واهتمام الملك بشعبه دفعه إلى الرحلة إلى المواطن فلم ينتظر قدوم المواطن وإنما قصده في بلده، زار القصيم واستمع إلى المواطن في مطالبه وأشعره بأن الملك مهتم به فقد استقل الطائرة وحطت به في أرض القصيم من أجل خدمة المواطن، استقر الملك في القصيم وافتتح المشروعات، ووعد أصحاب المطالب بتلبية مطالبهم وأصحاب الحقوق بالتعجيل في البت في قضاياهم الحقوقية، ما أجمل أن يحضر الرجل الأول في الدولة إلى المواطن في داره أو في بلده ويستمع إلى قضيته، إنها منتهى الخدمة وقمة الاستجابة والألفة بين المسؤول الأول في الدولة والمواطن العادي، إنها أحلام تتحقق ورؤى تتجسد ومن القصيم إلى حائل رحلة خير تصحبها الأمطار فقد جرت الأودية واستبشر المواطنون في حال بزيارة ملكية وبالغيث ينصب من السماء ما أجملها من زيارة رحب فيها المواطنون بملكهم وأبدوا مطالبهم وتطلعات بلدهم إلى القائد الذي تنتهي عنده الأمور فيحسمها بعزمه فيرضي الطالب ويقنع المطلوب، الزيارات الملكية تقليد سعودي سار عليه ملوك المملكة العربية السعودية والملك سلمان تحمل مطالب المواطن وافتتح المشاريع في بلد الجبلين وتابع رحلته الميمونة إلى الجوف وكان المواطنون في استقبال ملكهم فهي فرحة العمر حيث يرى المواطن في سكاكا ودومة الجندل وغيرهما من بلدات الجوف ملك البلاد يسير في شوارع الجوف، في شوارع بلده التي نشأ فيها ودرج على ترابها المواطن في الجوف تغمره الفرحة في تلك اللحظات فهو يحب بلده الجوف ويحب ملكه فاجتمع له هذا الحب على الأرض التي اختلط حبها بدمه، هاهو ملك المملكة العربية السعودية يسير في بلدي الجوف فأهلا به مواطناً وملكاً أحب بلده فقصدها بالزيارة، ومن الجوف يواصل الملك الرحلة إلى الحدود الشمالية فيحط الموكب الملكي في عرعر. عرعر التي عرفت زيارة الملوك من ست مائة وألف سنة (1600 سنة) حيث زارها آخر ملوك كندة في نجد امرؤ القيس الملك الشاعر وهو في طريقه إلى بلاد الروم فأقام فيها وغادرها بعد أن خصها بقصيدة تبلغ خمسين بيتاً منها:
سَمَا بِكَ شَوقُ بِعْدَ ما كانَ أقصرا
وَحَلَّتْ سٌلَيمْىَ بَطْنَ قو فعَرْعَرا
فَلمَا بَدَتْ حَوْرانُ والأل دوُنَهاَ
نَظَرْتَ فَلَمْ تَنْظُرْ بِعيْنَيْكَ مَنْظَراَ
تَقطَّعُ أسْبَابُ اللُّبَانَة والهَوَى
عَشِيَّةَ جَاوَزْنَا حُماةً وَشَيْزَرَا
لَقدْ أَنْكَرَتْنِي بَعْلَبَكُّ وَأَهْلُهَا
وَلاَ بْنُ جُرَيْج في قُرَى حِمْصَ أَنْكَرَا
رحبت مدينة بيوت الشعر بالملك سلمان بعد أن خلعت ثوبها القديم (بيوت الشعر) واستبدلته بثوبها القشيب؛ العمارات والإزفلت والأنوار، رحب الكبير والصغير بملك العزم والحزم وبادلهم الملك الود بالود والترحاب بمثله فالملك سلمان ما جاء إلا من أجل مواطني الحدود الشمالية يتفقد أحوالهم ويلبي مطالبهم ويرضي الكبير ويعطف على الصغير وينفذ ما وعد به من مشروعات ويشرف على ما أنجز ويعالج ما تعثر، ملك لا يعرف المهادنة في تنفيذ المشروعات ولا يقبل المماطلة والتراخي من قبل الشركات المنفذة، إنها رحلة ملكية هدفها الإصلاح وسمتها إيصال الحق إلى صاحبه، فالملك -حفظه الله- يطلب ما يرغب المسؤول في تواريه فيطلع عليه ويقف على حقيقة أمره، ومن هنا تأخذ الرحلة الملكية أهميتها وتسير العدالة في مجراها، ما أروعها من رحلة، فهي رحلة عمل دؤوب تظهر نتائجها بادية بعد مغادرة الملك.
وتستقبل بوابة الحرمين الشمالية مدينة تبوك خادم الحرمين الشريفين بالترحاب ورفع شعارات الود، فالشوارع مزدانة والقلوب فرحة والأمطار تغمر البلاد، إنها بشرى خير فغيث من هنا وغيث من هنا! ما أطيبها من أيام التأمَ فيها الخير ورفعت الأيدي تشيد بالملك وتحتفي بقدومه! وخادم الحرمين الشريفين يفتتح المشروعات ويقف على إنجاز ما تم ويسأل عن المشروعات التي لم تنجز في حينها، وقد حظيت إمارة تبوك بمشروعات اختصت بها دون غيرها من سواحلها وجزرها وموانئها فمستقبلها السياحي يَعِدُ بفرص عمل لشباب المنطقة وشاباتها، بل إن المشروعات السياحية ستدعم الاستثمار فتتجه رؤوس الأموال إلى تبوك وضبا وأملج وتيماء وحقل وغيرها، إن تبوك تجمع بين الأجواء المعتدلة وملتقى طرق الحج والعمرة والزيارة فيجتمع لهذه البلاد ما يهيئ للسائح الراحة والمتعة.
لقد كانت الزيارة الملكية التفقدية مصحوبة بالأمطار مما زاد تفاؤل المواطن في القصيم وحائل والجوف والحدود الشمالية وتبوك فالأمل معلق بالله ثم بخادم الحرمين الشريفين فالملك سلمان رجل الإنجاز وفتح الطريق للمواطن ليخدم بلده ويكسب رزقه عن طريق الجهد الذي لا يتوافر إلا بالتعليم والاطلاع على منجزات الآخرين، فالمملكة العربية السعودية قطعت أشواطًا في طريق البناء فالأمية انحسرت والجامعات ما عادت تستوعب طلابها، فالراغبون في العلم كُثُر، حتى إن المدارس الأهلية والجامعات الأهلية أصبحت تضاهي المدارس الحكومية والجامعات الحكومية، والتطور في عهد الملك سلمان امتد إلى الفضاء، في الوقت الذي يتفقد فيه خادم الحرمين الشريفين المواطنين في مدنهم وقراهم تنطلق الأقمار الصناعية المصنوعة بأيد سعودية، تنطلق إلى الفضاء لتقول إن عزم سلمان لا يحد وفي الوقت الذي يعود فيه خادم الحرمين الشريفين من جولته التفقدية ليكون موعد القمة الخليجية لمجلس التعاون قد اقترب فيرحب خادم الحرمين الشريفين بإخوانه ملوك وأمراء مجلس التعاون الخليجي في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، ويرأس -حفظه الله- المجلس في اجتماع أخوي اتفق فيه المجتمعون على صيانة الخليج وحفظ أمنه والحفاظ على مصالحه وتثبيت العلاقات الأخوية مع الدول المؤثرة في العالم، وقد تطابقت الرؤى ونبذ الخلاف فالمصلحة واحدة والمصير واحد فأمن الخليج مرتبط بشعوبه، وزعماؤه يسعون إلى مصلحة المواطن والمقيم على أرض الخليج.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسدد خطاه ومنحه الصحة والعافية، فيومه عمل متواصل في خدمة أبناء وطنه وصيانة هذه المملكة الآمنة.