سمر المقرن
إن صحّ الكلام عن الأخبار الآتية من وزارة التعليم، فهي عبارة عن انتفاضة فكرية لتأسيس قاعدة منهجية لرؤى وآفاق مختلفة أمام النشء. فإدخال مادة الفلسفة في المناهج هو أمر عظيم ويترتب عليه نظرة جديدة ومختلفة، ومن المهم أن يوازيه أساليب تعليمية وتربوية جديدة، فالفلسفة ليست مجرّد منهج يُدرس بل هي منهج حياة. أنا أرى بأن الفلسفة هي قاعدة فكرية تأسيسها الجيد في العقل يمنح القدرة على البناء الصحيح، ولا يمكن أن تُدرس هذه المادة بدون التعرف على أشخاصها وأدواتها، وهنا أتمنى أن يكون الحذر في هذا الجانب، فالفلاسفة لديهم نظريات وأقوال وأفكار قابلة للنقد، وهم ليسوا بمعزل عن الخطأ، لأن الانبهار بهم وبأفكارهم قد لا يتنبه له -بعضهم- وأتذكر هنا شغفي بهم الذي بدأ في سن صغير كنت أرى فيه أشخاص منزهة، وعندما كبرت وتعمقت وجدت أن لديهم أخطاء لا تغتفر، إلا أن هذا لا يمنع من أن لديهم خطوط فكرية لحياة عميقة فكرياً، وهنا قد نحتاج إلى دائرة عريضة نضعها حولنا بأن كل إنسان لديه الجيد والعكس، وهذا الأمر هو ما قد يساهم في تغيير العاطفة المجتمعية التي يسود فيها إما القبول التام أو الرفض التام.
ومن الفلسفة إلى القانون، وهما علمان مرتبطان، فهناك دول تحرص على التدريب الفلسفي لأهل القانون وتجعله شرطاً أساسياً للتوظيف، والقانون هو العلم الذي يمتد معنا في كل مراحل حياتنا، فكل ما من حولنا بدءاً من التفاصيل الصغيرة هي تعيش تحت حكم القانون. هو أداة لحل المشكلات ودراسته في مراحل عمرية صغيرة يمنح النشء القدرة على فهم المشكلة وحلها، وبالتالي يعزز الثقة بالنفس والقدرة على التعامل مع مصاعب الحياة.
وإلى الإملاء والخط، الذي غاب طويلاً، وانكشفت سوأة ضعف الإملاء مع مواقع التواصل الاجتماعي، والإملاء الصحيح هو وصول رسالة صحيحة وسليمة. أما الخط، فقد اندثر من حياتنا بعد أن تخلينا عن الورقة والقلم، وأنا من تجربة شخصية كان خطي من أجمل الخطوط، واليوم للأسف أصبح ضعيفاً وتغير كثيراً بعد الاعتماد على الكيبورد والهاتف النقال في الكتابة، إن عودة مادة الخط للمناهج هي إنعاش للقلم الجميل الذي افتقدناه.
ما يهم اليوم، هو المحتوى التعليمي ومواكبته لحالة التغيير الفكري والاجتماعي الذي يضمن تحقيق الأهداف المرجوة لعقول سليمة.